ثم ذكر سبحانه بديع صنعه وعظيم قدرته ليعرفوا توحيده ويؤمنوا بما جاء به رسوله فقال : ٦ - ﴿ ألم نجعل الأرض مهادا ﴾
ثم ذكر سبحانه بديع صنعه وعظيم قدرته ليعرفوا توحيده ويؤمنوا بما جاء به رسوله فقال : ٧ - ﴿ ألم نجعل الأرض مهادا * والجبال أوتادا ﴾ أي قدرتنا على هذه الأمور المذكورة أعظم من قدرتنا على الإعادة بالبعث والمهاد الوطاء والفراش كما في قوله :﴿ الذي جعل لكم الأرض فراشا ﴾ قرأ الجمهور ﴿ مهادا ﴾ وقرأ مجاهد وعيسى وبعض الكوفيين ﴿ مهدا ﴾ والمعنى : أنها كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينوم عليه والأوتاد جمع وتد : أي جعلنا الجبال أوتادا للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسي الخيام بالأوتاد وفي هذا دليل على أن التساؤل الكائن بينهم هو عن أمر البعث لا عن القرآن ولا عن نبوة محمد صلى الله عليه و سلم كما قيل لأن هذا الدليل إنما يصلح للاستدلال به على البعث
٨ - ﴿ وخلقناكم أزواجا ﴾ معطوف على المضارع المنفي داخل في حكمه فهو في قوة أما خلقناكم والمراد بالأزواج هنا الأصناف : أي الذكور والإناث وقيل المراد بالأزواج الألوان وقيل يدخل في هذا كل زوج من المخلوقات من قبيح وحسن وطويل وقصير
٩ - ﴿ وجعلنا نومكم سباتا ﴾ أي راحة لأبدانكم قال الزجاج : السبات أن ينقطع عن الحركة والروح في بدنه : أي جعلنا نومكم راحة لكم قال ابن الأنباري : جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم لأن أصل السبت القطع وقيل أصله التمدد يقال سبتت المرأة شعرها : إذا حلته وأرسلته ورجل مسبوت الخلق : أي ممدوده والرجل إذا أراد أن يستريح تمدد فسمي النوم سباتا وقيل المعنى : وجعلنا نومكم موتا والنوم أحد الموتتين فالمسبوت يشبه الميت ولكنه لم تفارقه الروح ومنه قول الشاعر :
( ومطوية الأقراب أما نهارها | فسبت وأما ليلها فذميل ) |
١٠ - ﴿ وجعلنا الليل لباسا ﴾ أي نلبسكم ظلمته ونغشيكم بها كما يغشيكم اللباس وقال سعيد بن جبير والسدي : أي سكنا لكم وقيل المراد به ما يستره عند النوم من اللحاف ونحوه وهو بعيد لأن الجعل وقع على الليل لا على ما يستتر به النائم عند نومه
١١ - ﴿ وجعلنا النهار معاشا ﴾ أي وقت معاش والمعاش العيش وكل شيء يعاش به فهو معاش والمعنى : أن الله جعل لهم النهار مضيئا ليسعوا فيما يقوم به معاشهم وما قسمه الله لهم من الرزق
١٢ - ﴿ وبنينا فوقكم سبعا شدادا ﴾ يريد سبع سموات قوية الخلق محكمة البناء ولهذا وصفها بالشدة وغلظ كل واحدة منها مسيرة خمسمائة عام كما ورد ذلك