١٣ - ﴿ وجعلنا سراجا وهاجا ﴾ المراد به الشمس وجعل هنا بمعنى خلق وهكذا قوله :﴿ وجعلنا نومكم سباتا ﴾ وما بعده لأن هذه الأفعال قد تعدت إلى مفعولين فلا بد من تضمينها معنى فعل يتعدى إليهما كالخلق والتصيير ونحو ذلك وقيل إن الجعل بمعنى الإنشاء والإبداع في جميع هذه المواضع والمراد به الإنشاء التكويني الذي بمعنى التقدير والتسوية قال الزجاج : الوهاج الوقاد وهو الذي وهج يقال وهجت النار تهيج وهجا ووهجانا قال مقاتل : جعل فيه نورا حرا والوهج يجمع النور والحرارة
١٤ - ﴿ وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ﴾ المعصرات هي السحابالتي ينعصر بالماء ولم تمطر بعد كالمرأة المعتصرة التي قد دنا حيضها كذا قال سفيان والربيع وأبو العالية والضحاك وقال مجاهد ومقاتل وقتادة والكلبي : هي الرياح والرياح تسمى معصرات يقال أعصرت الريح تعصر إعصارا : إذا أثارت العجاج قال الأزهري : هي الرياح ذوات الأعاصير وذلك أن الرياح تستدر المطر وقال الفراء : المعصرات السحاب التي يتحلب منها المطر قال النحاس : وهذه الأقوال صحاح يقال للريح التي تأتي بالمطر معصرات والرياح تلقح السحاب فيكون المطر ويجوز أن تكون هذه الأقوال قولا واحدا ويكون المعنى : وأنزلنا من ذوات المعصرات ماء ثجاجا قال في الصحاح والمعصرات السحاب تعتصر بالمطر وعصر القوم أي مطروا قال المبرد : يقال سحاب معصر : أي ممسك للماء يعتصر منه [ شيئا ] بعد شيء وقال أبي بن كعب والحسن وابن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان : المعصرات السموات والثجاج : المنصب بكثرة على جهة التتابع يقال ثج الماء : أي سال بكثرة وثجه : أي أساله قال الزجاج : الثجاج الصباب قال ابن زيد : ثجاجا كثيرا
١٥ - ﴿ لنخرج به حبا ونباتا ﴾ أي لنخرج بذلك الماء حبا يقتات : كالحنطة والشعير ونحوهما والنبات ما تأكله الدواب من الحشيش وسائر النبات
١٦ - ﴿ وجنات ألفافا ﴾ أي بساتين ملتف بعضها ببعض لتشعب أغصانها ولا واحد للألفاف : كالأوزاع والأخيفا وقيل واحدها لف بكسر اللام وضمها ذكره الكسائي وقال أبو عبيدة : واحدها لفيف كشريف وأشراف وروي عن الكسائي أنها جمع الجمع يقال جنة لفاء ونبت لف والجمع لف بضم اللام مثل حمر ثم يجمع هذا الجمع على ألفاف وقيل هو جمع ملتفة بحذف الزوائد قال الفراء : الجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم
١٧ - ﴿ إن يوم الفصل كان ميقاتا ﴾ أي وقتا ومجمعا وميعادا للأولين والآخرين يصلون فيه إلى ما وعدوا به من الثواب والعقاب وسمي يوم الفصل لأن الله يفصل فيه بين خلقه وهذا شروع في بيان ما يتساءلون عنه من البعث وقيل معنى ميقاتا : أنه حد توقت به الدنيا وتنتهي عنده وقيل حد للخلائق ينتهون إليه


الصفحة التالية
Icon