١٨ - ﴿ يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ﴾ أي يوم ينفخ في الصور وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل والمراد هنا النفخة الثانية التي تكون للبعث ﴿ فتأتون ﴾ أي إلى موضع العرض ﴿ أفواجا ﴾ أي زمرا زمرا وجماعات جماعات وهي جمع فوج وانتصاب ﴿ يوم ينفخ ﴾ على أنه بدل من يوم الفصل أو بيان له مفيد لزيادة تفخيمه وتهويله وإن كان الفصل متأخرا عن النفخ ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني وانتصاب أفواجا على الحال من فاعل تأتون والفاء في فتأتون فصيحة تدل على محذوف : أي فتأتون إلى موضع الفرض عقيب ذلك أفواجا
١٩ - ﴿ وفتحت السماء فكانت أبوابا ﴾ معطوف على ينفخ وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع أي فتحت لنزول الملائكة ﴿ فكانت أبوابا ﴾ كما في قوله :﴿ ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ﴾ وقيل معنى فتحت قطعت فصارت قطعا كالأبواب وقيل أبوابها طرقها وقيل تنحل وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وقيل إن لكل عبد بابين في السماء : باب لرزقه وباب لعمله فإذا قامت القيامة انفتحت الأبواب وظاهر قوله :﴿ فكانت أبوابا ﴾ أنها صارت كلها أبوابا وليس المراد ذلك بل المراد أنها صارت ذات أبواب كثيرة قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ﴿ فتحت ﴾ مخففا وقرأ الباقون بالتشديد
٢٠ - ﴿ وسيرت الجبال فكانت سرابا ﴾ أي سيرت عن أماكنها في الهواء وقلعت عن مقارها فكانت هباء منبثا يظن الناظر أنها سراب والمعنى : أن الجبال صارت كلا شيء كما أن السراب يظن الناظر أنه ماء وليس بماء وقيل معنى سيرت : أنها نسفت من أصولها ومثل هذا قوله :﴿ وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ﴾ وقد ذكر سبحانه أحوال الجبال بوجوه مختلفة ولكن الجمع بينها أن تقول : أول أحوالها الاندكاك وهو قوله :﴿ وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ﴾ وثاني أحوالها أن تصير كالعهن المنقوش كما في قوله :﴿ وتكون الجبال كالعهن المنفوش ﴾ وثالث أحوالها أن تصير كالهباء وهو قوله :﴿ وبست الجبال بسا * فكانت هباء منبثا ﴾ ورابع أحوالها أن تنسف وتحملها الرياح كما في قوله :﴿ وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ﴾ وخامس أحوالها أن تصير سرابا : أي لا شيء كما في هذه الآية


الصفحة التالية
Icon