قوله : ٣١ - ﴿ إن للمتقين مفازا ﴾ هذا شروع في بيان حال المؤمنين وما أعد الله لهم من الخير بعد بيان حال الكافرين وما أعد الله لهم من الشر والمفاز مصدر بمعنى الفوز والظفر بالنعمة والمطلوب والنجاة من النار ومنه قيل للفلاة مفازة تفاؤلا بالخلاص منها
ثم فسر سبحانه هذا المفاز فقال : ٣٢ - ﴿ حدائق وأعنابا ﴾ وانتصابهما على أنهما بدل من مفازا بدل اشتمال أو بدل كل من كل على طريق المبالغة بجعل نفس هذه الأشياء مفازة ويجوز أن يكون النصب بإضمار أعني وإذا كان مفازا بمعنى الفوز فيقدر مضاف محذوف : أي فوز حدائق وهي جمع حديقة : وهي البستان المحوط عليه والأعناب جمع عنب : أي كروم أعناب
٣٣ - ﴿ وكواعب أترابا ﴾ الكواعب جمع كاعبة : وهي الناهدة يقال : كعبت الجارية تكعب تكعيبا وكعوبا ونهدت تنهد نهودا والمراد أنهم نساء كواعب تكعبت ثديهن وتفلكت : أي صارت ثديهن كالكعب في صدورهن قال الضحاك : الكواعب العذارى قال قيس بن عاصم :
( وكم من حصان قد حوينا كريمة | وكم كاعب لم تدر ما البؤس معصر ) |
( وكان مجني دون ما كنت أتقي | ثلاث شخوص كاعبات ومعصر ) |
٣٤ - ﴿ وكأسا دهاقا ﴾ أي ممتلئة قال الحسن وقتادة ابن زيد : أي مترعة مملوءة يقال أدهقت الكأس : أي ملأتها ومنه قول الشاعر :
( ألا أسقني صرفا سقاك الساقي | من مائها بكأسك الدهاق ) |
٣٥ - ﴿ لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ﴾ أي لا يسمعون في الجنة لغوا وهو الباطل من الكلام ولا كذابا : أي ولا يكذب بعضهم بعضا قرأ الجمهور ﴿ كذابا ﴾ بالتشديد وقرأ الكسائي هنا بالتخفيف ووافق الجماعة على التشديد في قوله :﴿ وكذبوا بآياتنا كذابا ﴾ المتقدم في هذه السورة للتصريح بفعله هناك وقد قدمنا الخلاف في كذابا هل هو من مصادر التفعيل أو من مصادر المفاعلة ؟