١١ - ﴿ أإذا كنا عظاما نخرة ﴾ أي بالية متفتتة يقال نخر العظم بالكسر : إذا بلى وهذا تأكيد لإنكار البعث : أي كيف نرد أحياء ونبعث إذا كنا عظاما نخرة والعامل في إذا مضمر يدل عليه مردودون : أي أئذا كنا عظاما بالية نرد ونبعث مع كونها أبعد شيء من الحياة قرأ الجمهور ﴿ نخرة ﴾ وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر ﴿ نخرة ﴾ واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم واختار القراءة الثانية الفراء وابن جرير وأبو معاذ النحوي قال أبو عمرو بن العلاء : الناخرة التي لم تنخر بعد : أي لم تبل ولا بد أن تنخر وقيل هما بمعنى تقول العرب : نخر الشيء فهو ناخر ونخر وطمع فهو طامع وطمع ونحو ذلك قال الأخفش : هما جميعا لغتان أيهما قرأت فحسن قال الشاعر :
( يظل بها الشيخ الذي كان بادنا | يدب على عوج له نخرات ) |
ثم ذكر سبحانه عنهم قولا آخر قالوه فقال : ١٢ - ﴿ قالوا تلك إذا كرة خاسرة ﴾ أي رجعه ذات خسران لما يقع على أصحابها من الخسران والمعنى : أنهم قالوا إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت مما يقوله محمد وقيل معنى خاسرة كاذبة : أي ليس بكائنة كذا قال الحسن وغيره وقال الربيع بن أنس : خاسرة على من كذب بها وقال قتادة ومحمد بن كعب : أي لئن ردعنا بعد الموت لنخسرن بالنار وإنما قالوا هذا لأنهم أوعدوا بالنار والكرة الرجعة والجمع كرات
وقوله : ١٣ - ﴿ فإنما هي زجرة واحدة ﴾ تعليل لما يدل عليه ما تقدم من استبعادهم لبعث العظام النخرة وإحياء الأموات والمعنى : لا تستبعدوا ذلك فإنما هي زجرة واحدة وكان ذلك الإحياء والبعث والمراد بالزجرة الصيحة وهي النفخة الثانية التي يكون البعث بها وقيل إن الضمير في قوله : إنما هي راجع إلى الرادفة المتقدم ذكرها
١٤ - ﴿ فإذا هم بالساهرة ﴾ أي فإذا الخلائق الذين قد ماتوا ودفنوا أحياء على وجه الأرض قال الواحدي : المراد بالساهرة وجه الأرض وظاهرها في قول الجميع قال الفراء : سميت بهذا الاسم لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم وقيل لأنه يسهر في فلاتها خوفا منها فسميت بذلك ومنه قول أبي كثير الهذلي :
( يردون ساهرة كأن حميمها | وغميمها أسداف ليل مظلم ) |
( وفيها لحم ساهرة وبحر | وما فاهوا به لهم مقيم ) |