وجملة ١٥ - ﴿ هل أتاك حديث موسى ﴾ مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه و سلم عن تكذيب قومه وأنه يصيبهم مثل ما أصاب من كان قبلهم ممن هو أقوى منهم ومعنى هل أتاك : قد جاءك وبلغك هذا على تقدير أن قد سمع من قصص فرعون وموسى ما يعرف به حديثهما وعلى تقدير أن هذا أول ما نزل عليه في شأنهما فيكون المعنى على الاستفهام : أي هل أتاك حديثه أنا أخبرك به
١٦ - ﴿ إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ﴾ الظرف متعلق بحديث لا بأتاك لاختلاف وقتيهما وقد مضى من خبر موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية وقد تقدم الاختلاف بين القراء في طوى في سورة طه والواد المقدس : المبارك المطهر قال الفراء طوى واد بين المدينة ومصر قال : وهو معدول من طاو كما عدل عمر من عامر قال : والصرف أحب إلي إذ لم أجد في المعدول نظيرا له وقيل طوى معناه يا رجل بالعبرانية فكأنه قيل يا رجل اذهب وقيل المعنى : إن الوادي المقدس بورك فيه مرتين والأول أولى وقد مضى تحقيق القول فيه
١٧ - ﴿ اذهب إلى فرعون إنه طغى ﴾ قيل هو على تقدير القول وقيل هو تفسير للنداء : أي ناداه نداء هو قوله اذهب وقيل هو على حذف أن المفسرة ويؤيده قراءة ابن مسعود أن اذهب لأن في النداء معنى القول وجملة ﴿ إنه طغى ﴾ تعليل للأمر أو لوجوب الامتثال : أي جاوز الحد في العصيان والتكبر والكفر بالله
١٨ - ﴿ فقل ﴾ له ﴿ هل لك إلى أن تزكى ﴾ أي قوله بعد وصولك إليه هل لك رغبة إلى التزكي وهو التطهر من الشرك وأصله تتزكى فحذفت إحدى التاءين وقرأ الجمهور ﴿ تزكى ﴾ بالتخفيف وقرأ نافع وابن كثير بتشديد الزاي على إدغام التاء في الزاي قال أبو عمرو بن العلاء معنى قراءة التخفيف تكون زكيا مؤمنا ومعنى قراءة التشديد الصدقة وفي الكلام مبتدأ مقدر يتعلق به إلى والتقدير : هل لك رغبة أو هل لك توجه أو هل لك سبيل إلى التزكي ومثل هذا قولهم هل لك في الخير ؟ يريدون هل لك رغبة في الخير ومن هذا قول الشاعر :
( فهل لكم فيها إلي فانني | بصير بما أعيا النطاسي جذيما ) |