١٩ - ﴿ وأهديك إلى ربك فتخشى ﴾ أي أرشدك إلى عبادته وتوحيده فتخشى عقابه والفاء لترتيب الخشية على الهداية لأن الخشية لا تكون إلا من مهتد راشد
٢٠ - ﴿ فأراه الآية الكبرى ﴾ هذه الفاء هي الفصيحة لإفصاحها عن كلام محذوف يعني فذهب فقال له ما قال مما حكاه الله في غير موضع وأجاب عليه بما أجاب إلى أن قال :﴿ إن كنت جئت بآية فأت بها ﴾ فعند ذلك أراه الآية الكبرى
واختلف في الآية الكبرى ما هي ؟ فقيل العصا وقيل يده وقيل فلق البحر وقيل هي جميع ما جاء به من الآيات التسع
٢١ - ﴿ فكذب وعصى ﴾ أي فلما أراه الآية الكبرى كذب بموسى وبما جاء به وعصى الله عز و جل فلم يطعه
٢٢ - ﴿ ثم أدبر ﴾ أي تولى وأعرض عن الإيمان ﴿ يسعى ﴾ أي يعمل بالفساد في الأرض ويجتهد في معارضة ما جاء به موسى وقيل أدبر هاربا من الحية يسعى خوفا منها وقال الرازي : معنى ﴿ أدبر يسعى ﴾ أقبل يسعى كما يقال أقبل يفعل كذا : أي أنشأ يفعل كذا فوضع أدبر موضع أقبل لئلا يوصف بالإقبال
٢٣ - ﴿ فحشر ﴾ أي فجمع جنوده للقتال والمحاربة أو جمع السحرة للمعارضة أو جمع الناس للحضور ليشاهدوا ما يقع أو جمعهم ليمنعوه من الحية ﴿ فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى ﴾ أي قال لهم بصوت عل أو أمر من ينادي بهذا القول
ومعنى ٢٤ - ﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ أنه لا رب فوقي قال عطاء : كان صنع لهم أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها وقال : أنارب أصنامكم وقيل أراد بكونه ربهم أنه قائدهم وسائدهم والأول أولى لقوله في آية أخرى :﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾
٢٥ - ﴿ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ﴾ النكال نعت مصدر محذوف : أي أخذه أخذ نكال أو هو مصدر لفعل محذوف : أي أخذه الله فنكله نكال الآخرة والأولى أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة والمراد بنكال الآخرة عذاب النار ونكال الأولى عذاب الدنيا بالغرق وقال مجاهد : عذاب أول عمره وآخره وقال قتادة : الآخرة قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ والأولى تكذيبه لموسى وقيل الآخرة قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ والأول قوله :﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ وكان بين الكلمتين أربعون سنة ويجوز أن يكون انتصاب نكال على أنه مفعول له : أي أخذه الله لأجل نكال ويجوز أن ينتصب بنزع الخافض : أي بنكال ورجح الزجاج أنه مصدر مؤكد قال : لأن معنى أخذه الله : نكل الله به فأخرج من معناه لا من لفظه وقال الفراء : أي أخذه الله أخذا نكالا : أي للنكال والنكال اسم لما جعل نكالا للغير : أي عقوبة له يقال نكل فلان بفلان : إذا عاقبه وأصل الكلمة من الامتناع ومنه النكول عن اليمين والنكل القيد
٢٦ - ﴿ إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ﴾ أي فيما ذكر من قصة فرعون وما فعل به عبرة عظيمة لمن شأنه أن يخشى الله ويتقيه ويخاف عقوبته ويحاذر غضبه
وقد أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ والنازعات غرقا ﴾ قال : هي الملائكة تنزع روح الكفار ﴿ والناشطات نشطا ﴾ قال : هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الأظفار والجلد حتى تخرجها ﴿ والسابحات سبحا ﴾ هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين بين السماء والأرض ﴿ فالسابقات سبقا ﴾ هي الملائكة يسبق بعضها بعضا بأرواح المؤمنين إلى الله ﴿ فالمدبرات أمرا ﴾ هي الملائكة تدبر أم العباد من السنة إلى السنة وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ والنازعات غرقا ﴾ قال : هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار وأخرج الحاكم وصححه عنه ﴿ والنازعات غرقا * والناشطات نشطا ﴾ قال : الموت وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود ﴿ والنازعات غرقا ﴾ قال : الملائكة الذي يلون أنفس الكفار إلى قوله :﴿ والسابحات سبحا ﴾ قال : الملائكة وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسله :[ لا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار قال الله :﴿ والناشطات نشطا ﴾ أتدري ما هو ؟ قلت : يا نبي الله ما هو ؟ قال : كلاب في النار تنشط اللحم والعظم ] وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أن ابن الكواء سأله عن ﴿ المدبرات أمرا ﴾ قال : هي الملائكة يدبرون ذكر الرحمن وأمره وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن ابن عباس قال :﴿ المدبرات أمرا ﴾ ملائكة يكونون مع ملك الموت يحضرون الموتى عند قبض أرواحهم فمنهم من يعرج بالروح ومنهم من يؤمن على الدعاء ومنهم من يستغفر للميت حتى يصلى عليه ويدلى في حفرته وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ﴿ يوم ترجف الراجفة ﴾ قال : النفخة الأولى ﴿ تتبعها الرادفة ﴾ قال : النفخة الثانية ﴿ قلوب يومئذ واجفة ﴾ قال : خائفة ﴿ أإنا لمردودون في الحافرة ﴾ قال : الحياة وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي بن كعب قال :[ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال : أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه ] وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ترجف الأرض رجفا وتزلزل بأهلها وهي التي يقول الله ﴿ يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة ﴾ يقول : مثل السفينة في البحر تكفأ بأهلها مثل القنديل المعلق بأرجائه ] وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ قلوب يومئذ واجفة ﴾ قال : وجلة متحركة وأخرج عبد بن حميد عنه ﴿ أإنا لمردودون في الحافرة ﴾ قال : خلقا جديدا وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري في الوقف والابتداء وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا أنه سئل عن قوله :﴿ فإذا هم بالساهرة ﴾ فقال : الساهرة وجه الأرض وفي لفظ قال : الأرض كلها ساهرة ألا ترى قول الشاعر :
( صيد بحر وصيد ساهرة )
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عنه أيضا ﴿ هل لك إلى أن تزكى ﴾ قال : هل لك أن تقول لا إله إلا الله وأخرج ابن جرير عنه أيضا ﴿ فأخذه الله نكال الآخرة ﴾ قال : قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ والأولى قال : قوله :﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : كان بين كلمتيه أربعون سنة


الصفحة التالية
Icon