ثم أثنى سبحانه على السفرة فقال : ١٦ - ﴿ كرام بررة ﴾ أي كرام على ربهم كذا قال الكلبي وقال الحسن : كرام عن المعاصي فهم يرفعون أنفسهم عنها وقيل يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته أو قضى حاجته وقيل يؤثرون منافع غيرهم على منافعهم وقيل يتكرمون على المؤمني بالاستغفار لهم والبررة جمع بار مثل كفرة وكافر : أي أتقياء مطيعون لربهم صادقون في إيمانهم وقد تقدم تفسيره
١٧ - ﴿ قتل الإنسان ما أكفره ﴾ أي لعن الإنسان الكافر ما أشد كفره وقيل عذب قيل والمراد به عتبة بن أبي لهب ومعنى ما أكفره التعجب من إفراط كفره قال الزجاج : معناه اعجبوا أنتم من كفره وقيل المراد بالإنسان من تقدم ذكره في قوله :﴿ أما من استغنى ﴾ وقيل المراد به الجنس وهذا هو الأولى فيدخل تحته كل كافر شديد الكفر ويدخل تحته من كان سببا لنزول الآية دخولا أوليا
ثم ذكر سبحانه ما كان ينبغي لهذا الكافر أن ينظر فيه حتى ينزجر عن كفره ويكف عن طغيانه فقال : ١٨ - ﴿ من أي شيء خلقه ﴾ أي من أي شيء خلق الله هذا الكافر والاستفهام للتقرير
ثم فسر ذلك فقال : ١٩ - ﴿ من نطفة خلقه ﴾ أي من ماء مهين وهذا تحقير له قال الحسن : كيف يتكبر من خرج من مخرج البول مرتين ومعنى ﴿ فقدره ﴾ أي فسواه وهيأه لمصالح نفسه وخلق له اليدين والرجلين والعينين وسائر الآلات والحواس وقيل قدره أطوارا من حال إلى حال نطفة ثم علقة إلى أن تم خلقه
٢٠ - ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ أي يسر له الطريق إلى الخير والشر وقال السدي ومقاتل وعطاء وقتادة يسره للخروج من بطن أمه والأول أولى ومثله قوله :﴿ وهديناه النجدين ﴾ وانتصاب السبيل بمضمر يدل عليه الفعل المذكور : أي يسر السبيل يسره
٢١ - ﴿ ثم أماته فأقبره ﴾ أي جعله بعد أن أمته ذا قبر يوارى فيه إكراما له ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض تأكله السباعو الطير كذا قال الفراء : وقال أبو عبيدة : جعل له قبرا وأمر أن يقبر فيه ولم يقل قبره لأن القابر هو الدافن بيده ومنه قول الأعمشي :
( لو أسندت ميتا إلى صدرها | عاش ولم ينقل إلى قابر ) |