٦ - ﴿ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ﴾ هذا خطاب الكفار : أي ما الذي غرك وخدعك حتى كفرت بربك الكريم الذي تفضل عليك في الدنيا بإكمال خلقك وحواسك وجعلك عاقلا فاهما ورزقك وأنعم عليك بنعمه التي لا تقدر على جحد شيء منها قال قتادة : غره شيطانه المسلط عليه وقال الحسن : غره شيطانه الخبيث وقيل حمقه وجهله وقيل غره عفر الله إذا لم يعاجله بالعقوبة أول مرة كذا قال مقاتل
٧ - ﴿ الذي خلقك فسواك فعدلك ﴾ أي خلقك من نطفة ولم تك شيئا فسواك رجلا تسمع وتبصر وتعقل فعدلك : جعلك معتدلا قال عطاء : جعلك قائما معتدلا حسن الصورة وقال مقاتل : عدل خلقك في العينين والأذنين واليدين والرجلين والمعنى : عدل بين ما خلق لك من الأعضاء قرأ الجمهور ﴿ فعدلك ﴾ مشددا وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف واختار أبو حاتم وأبو عبيد القراءة الأولى قال الفراء وأبو عبيد : يدل عليها قوله :﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ ومعنى القراءة الأولى : أنه سبحانه جعل أعضاءه متعادلة لا تفاوت فيها ومعنى القراءة الثانية : أنه صرفه وأماله إلى أي صورة شاء إما حسنا وإما قبيحا وإما طريلا وإما قصيرا
٨ - ﴿ في أي صورة ما شاء ركبك ﴾ في أي صورة متعلق بركبك وما مزيدة وشاء صفة لصورة : أي ركبك في أي صورة شاءها من الصور المختلفة وتكون هذه الجملة كالبيان لقوله :﴿ فعدلك ﴾ والتقدير : فعدلك ركبك في أي صورة شاءها ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال : أي ركبك حاصلا في أي صورة ونقل أبو حيان عن بعض المفسرين أنه متعلق بعدلك واعترض عليه بأن أي لها صدر الكلام فلا يعمل فيها ما قبلها قال مقاتل والكلبي ومجاهد : في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم وقال مكحول : إن شاء [ ذكرا ] وإن شاء أنثى


الصفحة التالية
Icon