١٥ - ﴿ بلى إن ربه كان به بصيرا ﴾ بلى إيجاب للمنفي بلن : أي بلى ليحورن وليبعثن ثم علل ذلك بقوله :﴿ إن ربه كان به بصيرا ﴾ أي كان به وبأعماله عالما لا يخفى عليه منها خافية قال الزجاج : كان به بصيرا قبل أن يخلقه عالما بأن مرجعه إليه
١٦ - ﴿ فلا أقسم بالشفق ﴾ لا زائدة كما تقدم في أمثال هذه العبارة وقد قدمنا الاختلاف فيها في سورة القيامة فارجع إليه والشفق : الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء الآخرة قال الواحدي : هذا قول المفسرين وأهل اللغة جميعا قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر وحكاه القرطبي عن أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء وقال أسد بن عمر وأبو حنيفة : في إحدى الروايتين عنه إنه البياض ولا وجه لهذا القول ولا متمسك له لا من لغة العرب ولا من الشرع قال الخليل : الشفق الحمرة من غروب الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب العتمة وكتب اللغة والشرع مطبقة على هذا ومنه قول الشاعر :
( قم يا غلام أعني غير مرتبك | على الزمان بكأس حشوها شفق ) |
( أحمر اللون كحمرة الشفق )
وقال مجاهد : الشفق النهار كله ألا تراه قال : ١٧ - ﴿ والليل وما وسق ﴾ وقال عكرمة : هو ما بقي من النهار وإنما قالا هذا لقوله بعده ﴿ والليل وما وسق ﴾ فكأنه تعالى أقسم [ بالضياء ] والظلام ولا وجه لهذا على أنه قد روي عن عكرمة أنه قال : الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء وروي عن أسد بن عمر الرجوع ﴿ والليل وما وسق ﴾ الوسق عند أهل اللغة : ضم الشيء بعضه إلى بعض يقال استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت والراعي يسقها : أي يجمعها قال الواحدي : المفسرون يقولون : وما جمع وضم وحى ولف والمعنى : أنه جمع وضم ما كان منتشرا بالنهار في تصرفه وذلك أن الليل إذا أقبل آوى كل شيء إلى مأواه ومنه قول ضابئ بن الحرث البرجمي :
( فإني وإياكم وسوقا إليكم | كقابض شيئا لم تنله أنامله ) |