٧ - ﴿ وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ﴾ أي الذي خدوا الأخدود وهم الملك وأصحابه على ما يفعلون بالمؤمنين من عرضهم على النار ليرجعوا إلى دينهم شهود : أي حضور أو يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأنه لم يقصر فيما أمر به وقيل يشهدون بما فعلوا يوم القيامة ثم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم وقيل على بمعنى مع والتقدير : وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين شهود قال الزجاج : أعلم الله قصة قوم بلغت بصيرتهم وحقيقة إيمانهم إلى أن صبروا على أن يحرقوا بالنار في الله
٨ - ﴿ وما نقموا منهم ﴾ أي ما أنكروا عليهم ولا عابوا منهم ﴿ إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ﴾ : أي إلا أن صدقوا بالله الغالب المحمول في كل حال قال الزجاج : ما أنكروا عليهم ذنبا إلا إيمانهم وهذا كقوله :﴿ هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله ﴾ وهذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قوله :
( لا عيب فيهم سوى أن النزيل بهم | يسلوا عن الأهل والأوطان والحشم ) |
( ولا عيب فيها غير شكلة عينها | كذاك عتاق الطير شكلا عيونها ) |
ثم وصف سبحانه نفسه بما يدل على العظم والفخامة فقال : ٩ - ﴿ الذي له ملك السموات والأرض ﴾ ومن كان هذا شأنه فهو حقيق بأن يؤمن به ويوحد ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾ من فعلهم بالمؤمنين لا يخفى عليه منه خافية وفي هذا وعيد شديد لأصحاب الأخدود ووعد خير لمن عذبوه على دينه من أولئك المؤمنين
ثم بين سبحانه ما أعد لأولئك الذين فعلوا بالمؤمنين ما فعلوا من التحريق فقال : ١٠ - ﴿ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ﴾ : أي حرقوهم بالنار والعرب تقول : فتنت الشيء : أي أحرقته وفتنت الدرهم والدينار : إذا أدخلته النار لتنظر جودته ويقال دينار مفتون ويسمى الصائغ الفتان ومنه قوله :﴿ يوم هم على النار يفتنون ﴾ أي يحرقون وقيل معنى فتنوا المؤمنين : محنوهم في دينهم ليرجعوا عنه ثم لم يتوبوا من قبيح صنعهم ويرجعوا عن كفرهم وفتنتهم فلهم عذاب جهنم : أي لهم في الآخرة عذاب جهنم بسبب كفرهم والجملة في محل رفع على أنها خبر إن أو الخبر لهم وعذاب جهنم مرتفع به على الفاعلية والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ولا يضر نسخه بأن خلافا للأخفش ولهم عذاب الحريق : أي ولهم عذاب آخر زائد على عذاب كفرهم وهو عذاب الحريق الذي وقع منهم للمؤمنين وقيل إن الحريق اسم من أسماء النار كالسعير وقيل إنهم يعذبون في جهنم بالزمهرير ثم يعذبون بعذاب الحريق فالأول عذاب ببردها والثاني عذاب بحرها وقال الربيع بن أنس : إن عذاب الحريق أصيبوا به في الدنيا وذلك أن النار ارتفعت من الأخدود إلى الملك وأصحابه فأحرقتهم وبه قال الكلبي