١٦ - ﴿ فعال لما يريد ﴾ أي من الإبداء والإعادة قال عطاء : لا يعجز عن شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه وارتفاع فعال على أنه خبر مبتدأ محذوف قال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف لأنه نكرة محضة قال ابن جرير : رفع فعال وهو نكرة محضة على وجه الاتباع لاعراب الغفور الودود وإنما قال فعال لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة
ثم ذكر سبحانه خبر الجموع الكافرة فقال : ١٧ - ﴿ هل أتاك حديث الجنود ﴾ والجملة مستأنفة مقررة لما تقدم من شدة بطشه سبحانه وكونه فعالا لما يريده وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أي هل أتاك يا محمد خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم المتجندة عليها
ثم بينهم فقال : ١٨ - ﴿ فرعون وثمود ﴾ وهو بدل من الجنود والمراد بفرعون هو وقومه والمراد بثمود القوم المعروفون والمراد بحديثهم ما وقع منهم من الكفر والعناد وما وقع عليهم من العذاب وقصتهم مشهورة قد تكرر في الكتاب العزيز ذكرها في غير موضع واقتصر على الطائفتين لاشتهار أمرهما عند أهل الكتاب وعند مشركي العرب ودل بهما على أمثالهما
ثم أضرب عن مماثلة هؤلاء الكفار الموجودين في عصره صلى الله عليه و سلم لمن تقدم ذكره وبين أنهم أشد منهم في الكفر والتكذيب فقال : ١٩ - ﴿ بل الذين كفروا في تكذيب ﴾ أي بل هؤلاء المشركون من العرب في تكذيب شديد لك ولما جئت به ولم يعتبروا بمن كان قبلهم من الكفار
٢٠ - ﴿ والله من ورائهم محيط ﴾ أي يقدر على أن ينزل بهم ما أنزل بأولئك والإحاطة بالشيء الحصر له من جميع جوانبه فهو تمثيل لعدم نجاتهم بعدم فوت المحاط به على المحيط
ثم رد سبحانه تكذيبهم بالقرآن فقال : ٢١ - ﴿ بل هو قرآن مجيد ﴾ أي متناه في الشرف والكرم والبركة لكونه بيانا لما شرعه الله لعباده من أحكام الدين والدنيا وليس هو كما يقولون إنه شعر وكهانة وسحر