ولما ذكر سبحانه شرابهم عقبه بذكر طعامهم فقال : ٦ - ﴿ ليس لهم طعام إلا من ضريع ﴾ هو نوع من الشوك يقال له الشبرق في لسان قريش إذا كان رطبا فإذايبس فهو الضريع كذا قال مجاهد وقتادة وغيرهما من المفسرين قيل وهو سم قاتل وإذا يبس لا تقربه دابة ولا ترعاه وقيل هو شيء يرمي به البحر يسمى الضريع من أقوات الأنعام لا من أقوات الناس فإذا رعت منه الإبل لم تشبع وهلكت هزالا قال الخليل : الضريع نبات أخضر منتن الريح يرمي به البحر وجمهور أهل اللغة والتفسير قالوا : بالأول ومنه قول أبي ذؤيب :
( رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى | وعاد ضريعا بان عنه التحايص ) |
( وحبس في هرم الضريع وكلها | قرناء دامية اليدين جرود ) |
ثم وصف سبحانه الضريع فقال : ٧ - ﴿ لا يسمن ولا يغني من جوع ﴾ أي لا يسمن الضريع آكله ولا يدفع عنه ما به من الجوع قال المفسرون : لما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا تسمن من الضريع فنزلت ﴿ لا يسمن ولا يغني من جوع ﴾ وكذبوا في قولهم هذا فإن الإبل لا تأكل الضريع ولا تقربه وقيل اشتبه عليهم أمره فظنوه كغيره من النبات النافع
ثم شرع سبحانه في بيان حال أهل الجنة بعد الفراغ من بيان حال أهل النار فقال : ٨ - ﴿ وجوه يومئذ ناعمة ﴾ أي ذات نعمة وبهجة وهي وجوه المؤمنين صارت وجوههم ناعمة لما شاهدوا من عاقبة أمرهم وما أعده الله لهم من الخير الذي يفوق الوصف ومثله قوله :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ﴾
ثم قال : ٩ - ﴿ لسعيها راضية ﴾ أي لعلمها الذي عملته في الدنيا راضية لأنها قد أعطيت من الأجر ما أرضاها وقرت به عيونها والمراد بالوجوه هنا أصحابها كما تقدم
١٠ - ﴿ في جنة عالية ﴾ أي عالية المكان مرتفعة على غيرها من الأمكنة أو عالية القدر لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين