وفيه نزل ٥ - ﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ يعني لقوته ويكون معنى ﴿ في كبد ﴾ على هذا : في شدة خلق وقيل معنى ﴿ في كبد ﴾ أنه جريء القلب غليظ الكبد ﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ أي يظن ابن آدم أن لن يقدر عليه ولا ينتقم منه أحد أو يظن أبو الأشدين أن لن يقدر عليه أحد وأن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر
ثم أخبر سبحانه عن مقال هذا الإنسان فقال : ٦ - ﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ أي كثير مجتمعا بعضه على بعض قال الليث : مال لبد لا يخاف فناؤه من كثرته قال الكلبي ومقاتل : يقول أهلكت في عداوة محمد مالا كثيرا وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل : أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه و سلم فأمره أن يكفر فقال : لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات منذ دخلت في دين محمد قرأ الجمهور ﴿ لبدا ﴾ بضم اللام وفتح الباء مشددا قال أبو عبيدة : لبد فعل من التلبيد وهو المال الكثير بعضه على بعض قال الزجاج : فعل للكثرة يقال رجل حطم : إذا كان كثير الحطم قال الفراء : واحدته لبدة والجمع لبد وقد تقدم بيان هذا في سورة الجن
٧ - ﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾ أي أيظن أنه لم يعاينه أحد قال قتادة : أيظن أن الله سبحانه لم يره ولا يسأله عن ماله من أين كسبه وأين أنفقه ؟ وقال الكلبي : كان كاذبا لم ينفق ما قال فقال الله : أيظن أن الله لم ير ذلك منه فعل أو لم يفعل أنفق أم لم ينفق
ثم ذكر سبحانه ما أنعم به عليهم ليعتبروا فقال : ٨ - ﴿ ألم نجعل له عينين ﴾ يبصر بهما
٩ - ﴿ ولسانا ﴾ ينطق به ﴿ وشفتين ﴾ يستر بهما ثغره قال الزجاج : المعنى ألم نفعل به ما يدل على أن الله قادر على أن يبعثه والشفة محذوفة اللام وأصلها شفهة بدليل تصغيرها على شفيهة
١٠ - ﴿ وهديناه النجدين ﴾ النجد : الطريق في ارتفاع قال المفسرون : بينا له طريق الخير وطريق الشر قال الزجاج : المعنى ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر مبينتين كتبين الطريقين العاليتين وقال عكرمة وسعيد بن المسيب والضحاك النجدان : الثديان لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه والأول أولى وأصل النجد المكان المرتفع وجمعه نجود ومنه سميت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة فالنجدان الطريقان العاليان ومنه قول امرئ القيس :
( فريقان منهم قاطع بطن نخلة | وآخر منهم قاطع نجد كبكب ) |