١٤ - ﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة ﴾ المسغبة المجاعة والسغب الجوع والساغب الجائع قال الراغب : يقال منه سغب الرجل سغبا وسغوبا فهو ساغب وسغبان والمسغبة مفعلة منه وأنشد أبو عبيدة :

( فلو كنت حرا يابن قيس بن عاصم لما بت شبعانا وجارك ساغبا )
قال النخعي :﴿ في يوم ذي مسغبة ﴾ أي عزيز فيه الطعام
١٥ - ﴿ يتيما ذا مقربة ﴾ أي قرابة يقال : فلان ذو قرابتي وذو مقربتي واليتيم في الأصل : الضعيف يقال : يتم الرجل : إذا ضعف واليتيم عند أهل اللغة : من لا أب له وقيل : هو من لا أب له ولا أم ومنه قول قيس بن الملوح :
١٦ -﴿ أو مسكينا ذا متربة ﴾ أي لا شيء له كأنه لصق بالتراب لفقره وليس له مأوى إلا التراب يقال ترب الرجل يترب تربا ومتربة : إذا افتقر حتى لصق بالتراب ضرا قال مجاهد : هو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره وقال قتادة : هو ذو العيال وقال عكرمة : هو المديون وقال أبو سنان : هو ذو الزمانة وقال ابن جبير : هو الذي ليس له أحد وقال عكرمة : هو البعيد التربة الغريب عن وطنه والأول أولى ومنه قول الهذلي :
( إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكا إلى الله فقد الوالدين يتيم )
( وكنا إذا ما الضيف حل بأرضنا سفكنا دماء البدن في تربة الحال )
قرأ الجمهور ذي مسغبة على أنه صفة ليوم ويتيما هو مفعول إطعام وقرأ الحسن ذا مسغبة بالنصب على أنه مفعول إطعام : أي يطعمون ذا مسغبة ويتيما بدل منه
١٧ - ﴿ ثم كان من الذين آمنوا ﴾ عطف على المنفي بلا وجاء بثم للدلالة على تراخي رتبة الإيمان ورفعة محله وفيه دليل على أن هذه القرب إنما تنفع مع الإيمان وقيل المعنى : ثم كان من الذين آمنوا بأن هذا نافع لهم وقيل المعنى : أنه أتى بهذه القرب لوجه الله ﴿ وتواصوا بالصبر ﴾ معطوف على آمنوا : أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله وعن معاصيه وعلى ما أصابهم من البلايا والمصائب ﴿ وتواصوا بالمرحمة ﴾ أي بالرحمة على عباد الله فإنهم إذا فعلوا ذلك رحموا اليتيم والمسكين واستكثروا من فعل الخير بالصدقة ونحوها
والإشارة بقوله : ١٨ - ﴿ أولئك ﴾ إلى الموصول باعتبار اتصافه بالصفات المذكورة ﴿ أولئك أصحاب الميمنة ﴾ أي أصحاب جهة اليمين أو أصحاب اليمين أو الذين يعطون كتبهم بأيمانهم وقيل غير ذلك مما قد قدمنا ذكره في سورة الواقعة
١٩ - ﴿ والذين كفروا بآياتنا ﴾ أي بالقرآن أو بما هو أعم منه فتدخل الآيات التنزيلية والآيات التكوينية التي تدل على الصانع سبحانه ﴿ هم أصحاب المشأمة ﴾ أي أصحاب الشمال أو أصحاب الشؤم أو الذين يعطون كتبهم بشمالهم أو غير ذلك مما تقدم


الصفحة التالية
Icon