لقوله : ٢ - ﴿ والليل إذا سجى ﴾ فلما قابل الضحى بالليل دل على أن المراد به النهار كله لا بعضه وهو في الأصل اسم لوقت ارتفاع الشمس كما تقدم في قوله :﴿ والشمس وضحاها ﴾ والظاهر أن المراد به الضحى من غير تعيين وقال قتادة ومقاتل وجعفر الصادق : إن المراد به الضحى الذي كلم الله فيه موسى والمراد بقوله :﴿ والليل إذا سجى ﴾ ليلة المعراج وقيل المراد بالضحى هو الساعة التي خر فيها السحرة سجدا كما في قوله :﴿ وأن يحشر الناس ضحى ﴾ وقيل المقسم به مضاف مقدر كما تقدم في نظائره : أي ورب الضحى وقيل تقديره : وضحاوة الضحى ولا وجه لهذا فلله سبحانه أن يقسم بما شاء من خلقه : وقيل الضحى نور الجنة ولليل ظلمة النار وقيل الضحى نور قلوب العارفين والليل سواد قلوب الكافرين ﴿ والليل إذا سجى ﴾ أي سكن كذا قال قتادة ومجاهد وابن زيد وعكرمة وغيرهم : يقال ليلة ساجية : إي ساكنة ويقال للعين إذا سكن طرفها ساجية يقال سجا الشيء يسجو سجوا : إذا سكن قال عطاء : سجا إذا غطي بالعظمة وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : سجا امتد ظلامه وقال الأصمعي : سجو الليل تغطيته النهار مثل ما يسجى الرجل بالثوب وقال الحسن : غشى بظلامه وقال سعيد بن جبير : أقبل وقال مجاهد : أيضا استوى والأول أولى وعليه جمهور المفسرين وأهل اللغة ومعنى سكونه : استقرار ظلامه واستواؤه فلا يزاد بعد ذلك
٣ - ﴿ ما ودعك ربك ﴾ هذا جواب القسم : أي ما قطعك قطع المودع : قرأ الجمهور ﴿ ما ودعك ﴾ بتشديد الدال من التوديع وهو توديع المفارق وقرأ ابن عباس وعروة بن الزبير وابن هاشم وابن أبي عبلة وأبو حيوة بتخفيفها من قولهم ودعه : أي تركه ومنه قول الشاعر :

( سل أميري ما الذي غيره عن وصالي اليوم حتى ودعه )
والتوديع أبلغ في الودع لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك قال المبرد : لا يكادون يقولون ودع ولا وذر لضعف الواو إذا قدمت واستغنوا عنها بترك قال أبو عبيدة : ودعك من التوديع كما يودع المفارق وقال الزجاج : لم يقطع الوحي وقد قدمنا سبب نزول هذه الآية في فاتحة هذه السورة ﴿ وما قلى ﴾ القلى البغض يقال قلاه يقليه قلاء قال الزجاج : وما أبغضك وقال : وما قلى ولم يقل وما قلاك لموافقة رؤوس الآي والمعنى وما أبغضك ومنه قول امرئ القيس :
( ولست بمقلي الخلال ولا قالي )


الصفحة التالية
Icon