٤ - ﴿ وللآخرة خير لك من الأولى ﴾ اللام جواب قسم محذوف : أي الجنة خير لك من الدنيا مع أنه صلى الله عليه و سلم قد أوتي في الدنيا من شرف النبوة ما يصغر عنده كل شرف ويتضاءل بالنسبة إليه كل مكرمة في الدنيا ولكنها لما كانت الدنيا بأسرها مشوبة بالأكدار منغصة بالعوارض البشرية وكانت الحياة فيها كأحلام نائم أو كظل زائل لم تكن بالنسبة إلى الآخرة شيئا ولما كانت طريقا إلى الآخرة وسببا لنيل ما أعده الله لعبادة الصالحين من الخير العظيم بما يفعلونه فيها من الأعمال الموجبة للفوز بالجنة كان فيها خير في الجملة من هذه الحيثية
٥ - ﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾ هذه اللام فيل هي لام الابتداء دخلت على الخبر لتأكيد مضمون الجملة والمبتدأ محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك الخ وليست للقسم لأنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة وقيل هي للقسم قال أبو علي الفارسي : ليست هذه اللام هي التي في قولك : إن زيدا لقائم بل هي التي في قولك لأقومن ونابت سوف عن إحدى نوني التأكيد فكأنه قال : وليعطينك قيل المعنى : ولسوف يعطيك ربك الفتح في الدنيا والثواب في الآخرة فترضى وقيل الحوض والشفاعة وقيل ألف قصر من لؤلؤ أبيض تربه المسك وقيل غير ذلك والظاهر أنه سبحانه يعطيه ما يرضى به من خيري الدنيا والآخرة ومن أهم ذلك عنده وأقدمه لديه قبول شفاعته لأمته
٦ - ﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ﴾ هذا شرع في تعداد ما أفاضله الله سبحانه عليه من النعم : أي وجدك يتيما لا أب لك فآوى : أي جعل لك مأوى تأوى إليه قرأ الجمهور ﴿ فآوى ﴾ بألف بعد الهمزة رباعيا من آواه يؤويه وقرأ أبو الأشهب فأوى ثلاثيا وهو إما بمعنى الرباعي أو هو من أوى له إذا رحمه وعن مجاهد معنى الآية : ألم يجدك واحدا في شرفك لا نظير لك فآواك الله بأصحاب يحفظونك ويحوطونك فجعل يتيما من قولهم درة يتيمة وهو بعيد جدا والهمزة لإنكار النفي وتقرير المنفي على أبلغ وجه فكأنه قال : قد وجدك يتيما فآوى والوجود بمعنى العلم ويتميا مفعوله الثاني وقيل بمعنى المصادفة ويتميا حال من مفعوله