١٤ - ﴿ ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني ومعنى ﴿ ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ أي يطلع على أحواله فيجازيه بها فكيف اجترأ على ما اجترأ عليه ؟ والاستفهام للتقريع والتوبيخ وقيل أرأيت الأولى مفعولها الأول الموصول ومفعول الثاني وقيل كل واحدة من أرأيت بدل من الأولى و ﴿ ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ الخبر
١٥ - ﴿ كلا ﴾ ردع للناهي واللام في قوله :﴿ لئن لم ينته ﴾ هي الموطئة للقسم : أي والله لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر ﴿ لنسفعا بالناصية ﴾ السفع الجذب الشديد والمعنى : لنأخذن بناصيته ولنجرنه إلى النار وهذا كقوله :﴿ فيؤخذ بالنواصي والأقدام ﴾ ويقال سفعت الشيئ : إذا قبضته وجذبته ويقال سفع بناصيته فرسه قال الراغب : السفع الأخذ بسفعة الفرس : أي بسواد ناصيته وباعتبار السواد قيل : به سفعة غضب اعتبارا بما يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتد به الغضب وقيل للصقر أسفع لما فيه من لمع السواد وامرأة سفعاء اللون انتهى وقيل هو مأخوذ من سفع النار والشمس : إذا غيرت وجهه إلى سواد ومنه قول الشاعر :
( أثافي سفعا في معرس مرجل )
وقوله : ١٦ - ﴿ ناصية ﴾ بدل من الناصية وإنما أبدل النكرة من المعرفة لوصفها بقوله :﴿ كاذبة خاطئة ﴾ وهذا على مذهب الكوفيين فإنهم لا يجيزون إبدال النكرة من المعرفة إلا بشرط وصفها وأما على مذهب البصرين فيجوز إبدال النكرة من المعرفة بلا شرط وأنشدوا :

( فلا وأبيك خير منك إني ليؤذيني التحمحم والصهيل )
قرأ الجمهور بجر ﴿ ناصية كاذبة خاطئة ﴾ والوجه ما ذكرنا وقرأ الكسائي في رواية عنه برفعها على إضمار مبتدأ أي هي ناصية وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن علي بنصبها على الذم قال مقاتل : أخبر عنه بأنه فاجر خاطئ فقال ناصية كاذبة خاطئة تأويلها : صاحبها كاذب خاطئ
١٧ - ﴿ فليدع ناديه ﴾ أي أهل ناديه والنادي : المجلس الذي يجلس فيه القوم ويجتمعون فيه من الأهل والعشيرة والمعنى : ليدع عشيرته وأهله ليعينوه وينصروه ومنه قول الشاعر :
( واستب بعدك يا كليب المجلس )
أي أهله قيل إن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أتهددني وأنا أكثر الوادي ناديا ؟ فنزلت ﴿ فليدع ناديه * سندع الزبانية ﴾ أي الملائكة الغلاظ الشداد كذا قال الزجاج : قال الكسائي والأخفش وعيسى بن عمر : واحدهم زابن وقال أبو عبيدة : زبنية وقيل زباني وقيل هو اسم للجمع لا واحد له من لفظه كعباديد وأبابيل وقال قتادة : هم الشرط في كلام العرب وأصل الزبن الدفع ومنه قول الشاعر :
( ومستعجب مما يرى من أناتنا ولو زبنته الحرب لم يترمرم )
والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه ومنه قول الشاعر :
( مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى زبانية غلب عظام حلومها )
قرأ الجمهور ﴿ سندع ﴾ بالنون ولم ترسم الواو كما في قوله :﴿ يوم يدع الداع ﴾ وقرأ ابن أبي عبلة سيدعى على البنار للمفعول ورفع الزبانية على النيابة


الصفحة التالية
Icon