والقارعة مبتدأ وخبرها قوله : ٢ - ﴿ ما القارعة ﴾ وبالرفع قرأ الجمهور وقرأ عيسى بنصبها على تقدير : احذروا القارعة والاستفهام للتعظيم والتفخيم لشأنها كما تقدم بيانه في قوله :﴿ الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة ﴾ وقيل معن الكلام على التحذير قال الزجاج : والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب وأنشد قول الشاعر :

( لجديرون بالوفاء إذا قال أخو النجدة السلاح السلاح )
والحمل على معنى التفخيم والتعظيم أولى ويؤيده وضع الظاهر موضع الضمير فإنه أدل على هذا المعنى
ويؤيده أيضا قوله : ٣ - ﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾ فإنه تأكيد لشدة هولها ومزيد فظاعتها حتى كأنها خارجة عن دائرة علوم الخلق بحيث لا تنالها دارية أحد منهم وما الاستفهامية مبتدأ وأدراك خبرها وما القارعة مبتدأ وخبر والدملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني والمعنى : وأي شيء أعلمك ما شأن القارعة ؟
ثم بين سبحانه متى تكون القارعة فقال : ٤ - ﴿ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ﴾ وانتصاب الظرف بفعل محذوف تدل عليه القارعة : أي تقرعهم يوم يكون الناس الخ ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير اذكر وقال ابن عطية ومكي وأبو البقاء : هو منصوب بنفس القارعة وقيل هو خبر مبتدأ محذوف وإنما التقدير : ستأتيكم القارعة يوم يكون وقرأ زيد بن علي برفع يوم على الخبرية للمبتدأ المقدر والفراش : الطير الذي ترآه يتساقط في النار والسراج والواحدة فراشة كذا قال أبو عبيدة وغيره قال الفراء : الفراش هو الطائر من بعوض وغيره ومنه الجراد قال وبه يضرب المثل في الطيش والهوج يقال : أطيش من فراشه وأنشد :
( فراشة الحلم فرعون العذاب وإن يطلب نداه فكلب دونه كلب )
وقول آخر :
( وقد كان أقوام رددت حلومهم عليهم وكانو كالفراش من الجهل )
والمراد بالمبثوث المتفرق المنتشر يقال بثه : إذا فرقه ومث هذا قوله سبحانه في آية أخرى ﴿ كأنهم جراد منتشر ﴾ وقال المبثوث ولم يقل المبثوثة لأن الكل جائز كما في قوله :﴿ أعجاز نخل منقعر ﴾ و ﴿ أعجاز نخل خاوية ﴾ وقد تقدم بيان وجه ذلك


الصفحة التالية
Icon