٢ - ﴿ حتى زرتم المقابر ﴾ أي حتى أدرككم الموت وأنتم على تلك الحال وقال قتادة : إن التكاثر التفاخر بالقبائل والعشائر وقال الضحاك : ألهاكم التشاغل بالمعاش وقال مقاتل وقتادة أيضا وغيرهما : نزلت في اليهود حين قالوا نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان ألهاكم ذلك حتى ماتوا وقال الكلبي : نزلت في حيين من قريش : بني عبد مناف وبني سهم تعادوا وتكاثروا بالسيادة والأشراف في الإسلام فقال كل حي منهم نحن أكثر سيدا وأعز عزيزا وأعظم نفرا وأكثر قائدا فكثر بنو عبد مناف بني سهم ثم تكاثروا بالأموات فكثرتهم بهم فنزلت ﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ فلم ترضوا ﴿ حتى زرتم المقابر ﴾ مفتخرين الأموات وقيل نزلت في حيين من الأنصار والمقابر جمع مقبرة بفتح الباء وضمها وفي الآية دليل على أن الاشتغال بالدنيا والمكاثرة بها والمفاخرة فيها من الخصال المذمومة وقال سبحانه :﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ ولم يقل عن كذا بل أطلقه لأن الإطلاق أبلغ في الذم لأنه يذهب الوهم فيه كل مذهب فيدخل فيه جميع ما يحتمله المقام ولأن حذف المتعلق مشعر بالتعميم كما تقرر في علم البيان والمعنى أنه شغلكم التكاثر عن كل شيء يجب عليكم الاشتغال به من طاعة الله والعمل للآخرة وعبر عن موتهم بزيارة المقابر لأن الميت قد صار إلى قبره كما يصير الزائر إلى الموضع الذي يزوره هذا على قول من قال : إن معنى ﴿ زرتم المقابر ﴾ متم وأما على قول من قال : إن معنى ﴿ زرتم المقابر ﴾ ذكرتم الموتى وعددتموهم للمفاخرة والمكاثرة فيكون ذلك على طريق التهكم بهم وقيل إنهم كانوا يزورون المقابر فيقولون هذا قبر فلان وهذا قبر فلان يفتخرون بذلك