$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ :[ مُتَعَلِّقُ الْمَسْرُوقِ ] : فَهُوَ كُلُّ مَالٍ تَمْتَدُّ إلَيْهِ الْأَطْمَاعُ، وَيَصْلُحُ عَادَةً وَشَرْعًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، فَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ الشَّرْعُ لَمْ يَنْفَعْ تَعَلُّقُ الطَّمَاعِيَةِ فِيهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الِانْتِفَاعُ مِنْهُ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مَثَلًا. وَقَدْ كَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي قَطْعَ سَارِقِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ; لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَتَصَوُّرِ الْمَعْنَى فِيهِ. وَقَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى أَنَّهُ قَطَعَ فِي دِرْهَمٍ. وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يُلْتَفَتُ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ ذَا شَوَاذٍّ، وَلَا يَسْتَرِيبُ اللَّبِيبُ، بَلْ يَقْطَعُ الْمُنْصِفُ أَنَّ سَرِقَةَ التَّافِهِ لَغْوٌ، وَسَرِقَةَ الْكَثِيرِ قَدْرًا أَوْ صِفَةً مَحْسُوبٌ، وَالْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي إلَى الْفَصْلِ فِيهِ بِحَدٍّ تَقِفُ الْمَعْرِفَةُ عِنْدَهُ، فَتَوَلَّى الشَّرْعُ تَحْدِيدَهُ بِرُبْعِ دِينَارٍ. وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَائِشَةَ :" مَا طَالَ عَلَيَّ وَلَا نَسِيت : الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا ". وَهَذَا نَصٌّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَرَوَى أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا قَدْ بَيَّنَّا ضَعْفَهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَشَرْحِ الْحَدِيثِ. < ١٠٨ > فَإِنْ قِيلَ : قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ﴾ قُلْنَا : هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّحْذِيرِ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ، كَمَا جَاءَ فِي مَعْرَضِ التَّرْغِيبِ


الصفحة التالية
Icon