$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ :[ مُتَعَلَّقُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ ] : فَهُوَ الْحِرْزُ الَّذِي نُصِبَ عَادَةً لِحِفْظِ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِ حَالِهِ. وَالْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ الْحِرْزِ الْأَثَرُ وَالنَّظَرُ. أَمَّا الْأَثَرُ : فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ إلَّا مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ﴾. < ١١١ > وَأَمَّا النَّظَرُ فَهُوَ أَنَّ الْأَمْوَالَ خُلِقَتْ مُهَيَّأَةً لِلِانْتِفَاعِ لِلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ بِالْحِكْمَةِ الْأَوَّلِيَّةِ الَّتِي بَيِّنَاهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ حُكِمَ فِيهَا بِالِاخْتِصَاصِ الَّذِي هُوَ الْمِلْكُ شَرْعًا، وَبَقِيَتْ الْأَطْمَاعُ مُعَلَّقَةً بِهَا، وَالْآمَالُ مُحَوَّمَةً عَلَيْهَا، فَتَكُفُّهَا الْمُرُوءَةُ وَالدِّيَانَةُ فِي أَقَلِّ الْخَلْقِ، وَيَكُفُّهَا الصَّوْنُ وَالْحِرْزُ عَنْ أَكْثَرِهِمْ، فَإِذَا أَحَرَزهَا مَالِكُهَا فَقَدْ اجْتَمَعَ بِهَا الصَّوْنَانِ، فَإِذَا هُتِكَا فَحُشَتْ الْجَرِيمَةُ فَعَظُمَتْ الْعُقُوبَةُ ; وَإِذَا هُتِكَ أَحَدُ الصَّوْنَيْنِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَجَبَ الضَّمَانُ وَالْأَدَبُ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُمْكِنُهُ بَعْدَ الْحِرْزِ فِي الصَّوْنِ شَيْءٌ، لَمَّا كَانَ غَايَةَ الْإِمْكَانِ رَكَّبَ عَلَيْهِ الشَّرْعُ غَايَةَ الْعُقُوبَةِ مِنْ عِنْدِهِ رَدْعًا وَصَوْنًا، وَالْأُمَّةُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ ; لِاقْتِضَاءِ لَفْظِهَا، وَلَا تَضْمَنُ حِكْمَتُهَا وُجُوبَهُ، وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ تَرَكَ اعْتِبَارَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا تَحَصَّلَ لِي مَنْ يُهْمِلُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ يُذْكَرُ، وَرُبَّمَا نُسِبَ


الصفحة التالية
Icon