بِالْإِذَايَةِ، وَأَمَّا الْأَجْنَاسُ فَنَبَّهَ بِكُلِّ مَذْكُورٍ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْجِنْسِ وَذَكَرَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ، وَذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِعِلَّةِ الْعَقْرِ الْفَهْدُ وَالسَّبُعُ، وَلَا سِيَّمَا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ السِّجْزِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ. وَالْعَجَبُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنْ يَحْمِلَ التُّرَابَ عَلَى الْبُرِّ بِعِلَّةِ الْكَيْلِ، وَلَا يَحْمِلَ السِّبَاعَ الْعَادِيَةَ عَلَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ بِعِلَّةِ الْفِسْقِ وَالْعَقْرِ. < ١٧٧ > وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ لَحْمَهَا لَا يُؤْكَلُ فَهِيَ مَعْقُورَةٌ لَا جَزَاءَ فِيهَا ; لِأَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ كَالْخِنْزِيرِ. وَأَمَّا إنْ قُلْنَا : إنَّهَا تُؤْكَلُ فَفِيهَا الْجَزَاءُ لِأَنَّهَا صَيْدٌ مَأْكُولٌ. وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي أَكْلِهَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إنْ شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى. وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّهُ صَيْدٌ تَتَنَاوَلُهُ الْآيَةُ بِالنَّهْيِ وَالْجَزَاءِ بَعْدَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ ; وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ صَيْدٌ أَنَّهُ يُقْصَدُ لِأَجْلِ جِلْدِهِ، وَالْجِلْدُ مَقْصُودٌ فِي الْمَالِيَّةِ، كَمَا أَنَّ اللَّحْمَ مَقْصُودٌ فِي الْأَكْلِ. قُلْنَا : لَا تُسَمِّي الْعَرَبُ صَيْدًا إلَّا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. فَإِنْ قِيلَ : بَلْ كَانَتْ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا عِنْدَ الْعَرَبِ صَيْدًا. فَإِنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ كُلَّ مَا دَبَّ وَدَرَجَ، ثُمَّ جَاءَ الشَّرْعُ بِالتَّحْرِيمِ، فَغَيَّرَ الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ دُونَ الْأَسْمَاءِ. قُلْنَا : هَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ، إنَّ الصَّيْدَ لَا يُعْرَفُ إلَّا فِيمَا يُؤْكَلُ. وَقَوْلُهُمْ : إنَّ الشَّرْعَ غَيَّرَ الْأَحْكَامَ دُونَ الْأَسْمَاءِ بَاطِلٌ ;