٢٦- الشيطان مأخوذ من "شطن" إذا بعد فحكم عليه بكونه بعيداً، وأما المطيع فقريب قال الله تعالى:﴿ وَ؟سْجُدْ وَ؟قْتَرِب ﴾[العلق: ١٩] والله قريب منك قال الله تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: ١٨٦] وأما الرجيم فهو المرجوم بمعنى كونه مرمياً بسهم اللعن والشقاوة وأما أنت فموصول بحبل السعادة قال الله تعالى: ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ؟لتَّقْوَى؟ ﴾ [الفتح: ٢٦] فدل هذا على أنه جعل الشيطان بعيداً مرجوماً، وجعلك قريباً موصولاً، ثم إنه تعالى أخبر أنه لا يجعل الشيطان الذي هو بعيد قريباً لأنه تعالى قال: ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ؟للَّهِ تَحْوِيلاً ﴾ [فاطر: ٤٣] فاعرف أنه لما جعلك قريباً فإنه لا يطردك ولا يبعدك عن فضله ورحمته.
٢٧- كأنه تعالى يقول: إنه شيطان رجيم، وأنا رحمن رحيم، فابعد عن الشيطان الرجيم لتصل إلى الرحمن الرحيم.
٢٨- الشيطان عدوك، وأنت عنه غافل غائب، قال تعالى:﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاتَرَوْنَهُمْ ﴾ [الأعراف: ٢٧]. فعلى هذا لك عدو غائب ولك حبيب غالب، لقوله تعالى: ﴿ وَ؟للَّهُ غَالِبٌ عَلَى؟ أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: ٢١] فإذا قصدك العدو الغائب فافزع إلى الحبيب الغالب، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
٢٩- فرق بين أن يقال: "أعوذ بالله" وبين أن يقال: (بالله أعوذ) فإن الأول لا يفيد الحصر، والثاني: يفيده، فلم ورد الأمر بالأول دون الثاني مع أن الثاني أكمل وأيضاً جاء قوله: "الحمد لله" وجاء قوله: "لله الحمد" وأما هنا فقد جاء "أعوذ بالله" وما جاء قوله "بالله أعوذ" فما الفرق؟.