قوله: (أعوذ بالله) لفظه الخبر ومعناه الدعاء، والتقدير: اللهم أعذني، ألا ترى أنه قال: ﴿ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾ كقوله: "أستغفر الله" أي اللهم أغفر لي، والدليل عليه أن قوله: ﴿ أعوذ بالله ﴾ إخبار عن فعل العبد، وهذا القدر لا فائدة فيه إنما الفائدة في أن يعيذه الله، فما السبب في أنه قال: "أعوذ بالله" ولم يقل أعذني؟ والجواب أن بين الرب وبين العبد عهداً كما قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ؟للَّهِ إِذَا عَـ؟هَدتُّمْ ﴾[النحل: ٩١] وقال:﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾[البقرة: ٤٠] فكأن العبد يقول أنا مع لؤم الإنسانية ونقص البشرية وفيت بعهد عبوديتي حيث قلت: "أعوذ بالله" فأنت مع نهاية الكرم وغاية الفضل والرحمة أولى بأن تفي بعهد الربوبية فتقول: إني أعيذك من الشيطان الرجيم.
رابعا : الأحكام الفقهية المتعلقة بالاستعاذة
وهي ثلاثة عشر مسألة
المسألة الأولى : مشروعية الاستعاذة عند قراءة القرآن داخل الصلاة وخارجها.
لقول الله تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل: ٩٨)
قال الشوكاني :
فلَا شَكَّ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِعَاذَةِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ دَاخِلَهَا. ٤٦
المسألة الثانية : حكم الاستعاذة ( هل هي واجبة أم مستحبة ؟)
اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
القول الأول، وهو الراجح إن شاء الله.
[ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ - وغيرها- سُنَّةٌ ] ٤٧، و[لَيْسَتْ بِفَرْضٍ ]٤٨.
[وهو ما ذَهَبَ إليه جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ]٤٩، وَبِذَلِكَ [ قال أَبُو حَنِيفَةَ ]٥٠، وَ[الشَّافِعِيُّ]٥١.
قال الشافعي :