قَالَ الجصاص: قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ﴾ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنْ تَكُونَ الِاسْتِعَاذَةُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، كَقَوْلِهِ :﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا ﴾اهـ٨١.
لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ... لِلْحَالِ كَمَا يُقَالُ :
إذَا دَخَلْتَ عَلَى السُّلْطَانِ فَتَأَهَّبْ. أَيْ : إذَا أَرَدْتَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فَتَأَهَّبْ ٨٢.
وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِطْلَاقِ مِثْلِهِ، وَالْمُرَادُ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾.
وَقَوْلِهِ :﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تَسْأَلَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بَعْدَ سُؤَالٍ مُتَقَدِّمٍ.
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾٨٣.
كَمَا قَالَ :﴿ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ ﴾ مَعْنَاهُ، إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ، وَكَقَوْلِهِ : إذَا أَكَلْت فَسَمِّ اللَّهَ ; مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت الْأَكْلَ ٨٤.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا قَرَأْت فَقَدِّمْ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ.
وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ : إذَا قُلْت فَاصْدُقْ وَإِذَا أَحْرَمْت فَاغْتَسِلْ يَعْنِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ ٨٥.
وهناك قول ثالث وهو :