وخلاصة القول : ان ثمرات هذه الشجرة هي ثمرات التكليف بجميع لوازمه ونتائجه، وما كان الفارق بين آدم قبل الأكل منها وبعد الأكل الا الفارق بين الحياة في دعة وبراءة، والحياة المكلّفة التي لا تخلو من المشقة والشقاق والامتحان بالفتنة ومعالجة النقائص والعيوب. وكلّما تكررت القصة في الآيات القرآنية كان في تكرارها تثبيت لهذا المعنى على وجه من وجوهه المتعددة. يبدو ذلك جلياً من المقابلة بين ما تقدم، وما جاء عن هذه القصة في سورة الأعراف، وذلك حيث يُذكر التصوير بعد الخلق، أو اعطاء الصورة بعد اعطاء الوجود...
وفيها يتبين ان من تمام التوكيد لحدود التكليف في هذه القصة ان خطاب آدم به لا يغني عن خطاب بنيه وأعقابه، فهو مكلَّف وهم مكلَّفون، وخطيئته لا تُلزمخم وتبوته لا تغنيهم. اما مولدهم منه فإنما يُخرجهم على سنَة الأحياء المولودين حيث يحيون وحيث يكّرمون ويموتون.
واما قضية عصيان آدم ومخالفته فقد تكلم فيها المفسرون، والمستشرقون الغربيون، وتخبطوا في ذلك. والحق ان قليلاً من النقاد الغربيين من يفطن للخاصة الاسلامية التي تتمثل في قصة آدم هذهز اذ الغالب في أوساطهم ان يتكلموا عن زلة آدم فيسمّوها « سقوطا » ثم يرتبوا عليها ما يترتب على السقوط الملازم لطبيعة التكوين. هذا مع انه ليس في القرآن أثر قط للسقوط بهذا المعنى في حق كائن من الكائنات العلوية أو الارضية، وانما هو انتقال الانسان من حال الى حال او من عهد البراءة والدعة الى عهد التكليف والمشقة.
وجوهر المسألة في القصة ان القرآن الكريم لم يذكر قط شيئاً عن سقوط الخليقة من رتبة الى رتبة دونها، ولا سقوط الخطيئة الدائمة بمعنى تلك التي يدان فيها الانسان بغير عمله. انه لا يعرف ارادةً معاندة ف يالكمون لإرادة الله يكون من أثرها ان تنازعه الأرواحَ وتشاركه في المشيئة وتضع في الكون أصلاً من أصول الشر.
لقد جاء الاسلام بهذه الخطوة العظمى في أطوار الأديان فقرر في مسألة الخير والشر والحساب والثواب أصحَّ العقائد التي يدين بها ضمير الانسان، وقوام ذلك عقيدتان :
أولاهما : وحدة الارادة الالَهية في الكون.
والثانية : ملازمة التبعة لعمل العامل دون واسطة أخرى بين العامل وبين ضميره وربّه «.