القنطار : مائة رطل والمراد هنا العدد الكثير. الأميون : غير اليهود، وهنا العرب. ليس علينا في الأميين سبيل : لا مؤاخذة علينا مهما اغتصبنا من حقوقهم.
بعد أن بيّن الله سلوك أهل الكتاب في الاعتقاد، بيّن لنا هنا سلوكهم في المال المعاملات، فقال : ان منهم طائفة تشاكس المسلمين وتكيد لهم ليرجعوا عن دينهم، وأخرى تستحلّ أكل أموالهم. وهي تزعم ان توارتهم لم تنههم الا عن خيانة بني اسرائيل وحدهم. لكن ليس عاماً، فمنهم أفراد كعبدالله ابن سلام، استودعه قرشيّ الفاً ومائتي أوقية من الذهب فأداها اليه. ومع هذا فان اغلب اليهود يستحلّون مال كل من لم يكن يهودياً. ينطلقون في ذلك من زعم أن غيرهم من العرب محتقر، فلا حقوق لهم، وليس على اليهود ذنب في أي إجرام يأتونه ضدهم. وهذه حال إسرائيل في الوقت الحاضر. ومعها النصارى المتهّودون في امريكا، وعملاؤهم من الحكام في دول أخرى.
روى ابن جرير في التفسير، قال :« بايع اليهودَ رجال من المسلمين في الجاهلية، فلما أسلموا تقاضَوهم ثمن بضاعتهم، فقالوا : ليس لكم علينا أمانة، ولا قضاء لكم عندنا، لأنكم غيّرتم دينكم الذي كنتم عليه. وادّعوا أنه وجدوا ذلك في كتابهم ».
وروى عن سعيد بن جبير ان النبي ﷺ لما نزلت هذه الآية قال :« كذب أعداءًُ الله : ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ إلا الأمانة فانها مؤداة الى البر والفاجر ».
ويقولون على الله الكذب متعمّدين في ذلك، لأن ما جاء من عند الله فهو في كتابهم التوراة، وهي بين أيديهم، وليس فيها خيانة غير اليهود ولا أكل أموالهم بالباطل. بل إن في كتابهم « عليكم في الأميين سبيل »، وعليكم الوفاء بعقودكم المؤجلة والأمانات. ومن أدى حق غيره في وقته وخاف فلم يُنقص ولم يماطل، فانه يكون من الذي أحبهم الله مع المتقين.
والقرآن لا يظلم اليهود بهذا القول، فإن التلمود عندم مقدّس أكثر من التوراة، وفيه جاءت هذه النصوص.
يقول الدكتور روهلنج في كتابه « الكنز المرصود في قواعد التملود » ترجمة الدكتور يوسف نصر الله :« لم يكتفِ اليهود بما جاء في توراتهم من تعاليم خبيثة تبيح الغدر والمكر وسفك الدماء، فأخذ الربيّون والحاخامات يفسرون التوراة حسب أهوائهم وبالشكل الذي يرضي غرائزهم الشريرة ونزوعَهم الى عمل المنكرات واستعلاءهم على بقية أجناس البشر... الخ... »
ويقدّس اليهود التلمود ويعتبرونه أهم من التوراة. وهم يرون أن من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت، وانه لا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة وحدها، لأن أقوال علماء التملود أفضل مما جاء في شريعة موسى.