﴿ والله عزيز حكيم ﴾ عزيز في انتقامه من السارق وغيره من اهل المعاصي، حيكم في وضعه الحدود والعقوبات بما تقتضي المصلحة.
قال الأصمعي : كنت أقرأ سورة المائدة ومعي أعرابي، فقرأ هذه الآية فقلت « والله غفور رحيم » سهواً. فقال الأعرابي : كلام من هذا؟ قلت : كلام الله. قال : أعِد، فأعدت. ثم تنبّهت فقلت « والله عزيز حيكم ». فقال : الآن أصبت فقلت : كيف عرفت؟ قال : يا هذا « عزيز حكيم » فأمَرَ بالقطع، ولو غفر ورحم لما أمر به. فقد فهم الاعرابي ان مقتضى العزة والحكمة غير مقتضى المغفرة والرحمة.
﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ... ﴾.
فمن تاب عن السرقة بعد ظلمه لنفسه باقترافها، وأصلح إيمانه بفعل الخير فإن الله يقبل توبته ويغفر به.
ولا يسقط الحد عن التائب، ولا تصحّ التوبة الا بإعادة المال المسروق بعينه ان كان باقيا أو دفعٍ قيمته إن هكل.
ثم بيّن الشارع أن عقاب السراق والعفَو عن التائبين جاء وفق الحكمة والعدل والرحمة فقال :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض... ﴾ يدبّره بحكمته ان وضَع هذا العقاب لمن يسرق، كما وضع العقاب للمحاربين المفسدين في الأرض، وأنه يغفر للتائبين من هؤلاء وهؤلاء اذا صدقوا التوبة. انه يعذّب العاصي تربية له، وتأميناً للعباد من أذاه وشره. كما يرحم التائب بالغفران ترغيباً له.