وهب : اعطى بغير عوض. هدينا. أرشدنا. احسن : فعَلَ ما هو حسن. اجتبينا : اصطفينا حبط علمه : بطل.
بعد ان حكى الله تعالى أنَّ ابراهيهم اظهر حجة الله في التوحيد، وعدد وجوه نعمه واحسانه اليه، ذكر هنا انه جعله عزيزاً في الدنيا، وابقى له هذه الكرامة الى يوم القيامة.
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا ﴾.
ووهبنا لإبراهيم إسحاق نبيّاً، ثم جعلنا من ذريته يعقوب وغيره من الأنبياء والمرسلين.
وانما ذكر إسحاق هنا دون اسماعيل لأنه هو الذي وهبه الله تعالى لأبراهيم بعد كبر سنه وعقم امرأته سارة، جزاءَ ام ظهر من إيمانه في قصة ذبح ولده إسماعيل، ولم يكن له ولد سواه.
﴿ وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ﴾.
ووقفنا من قبلهم نوحاً الى مثل ما هدينا ابراهيم وذريته. وقد ذُكر نوح هنا إيماءً الى شرف نسب ابراهيم.
﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ( * ) وَزَكَرِيَّا ويحيى وعيسى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصالحين وَإِسْمَاعِيلَ واليسع وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العالمين ﴾.
ومن ذريّة إبرايهم تناسل هؤلاء الأنبياء فقد ذكر في هذه الآيات سبعة عشر نبيّاً. وستأتي الاشارة إلى آخرين من ذرياتهم وآبائهم واخوانهم.. كل هذا ليدل على فضل إبراهيم ونوح عليها السلام، حيث جعل الله الكتاب والنبوة في نسلهما.
وقد جاء في سورة الحديد، ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب ﴾ وهدينا من ذريته ( إبراهيم ) كلاً من داود وسليمان وغيرهما. فداود وسليمان وأيّوب وموسى وهارون، آتاهم الله الإمارة والملك مع النبوة والرسالة. وأيّوب كان أميارً غنياً محسنا ويوسف كان وزيراً عظيما وحاكماً متصرفا وموسى وهارون كانا حاكمَين ولم يكونا ملكين.
وزكريا ويحيى وعيسى والياء، كانت لهم ميزة الزهد والاعراض عن لذات الدينا ومن ثم خصّهم بوصف الصالحين.
واسماعيل وإليسع ويونس ولوط، وهؤلاء لم يكن لهم من ملك الدنيا ما كان للقسم الأول، ولا من المبالغة في الزهد ما كان للقسم الثاني.
﴿ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ﴾.
وهدينا بعض آبائهم وذرياتهم واخوانهم واصطفيناهم، فسلكوا طريق الخير والصراط الذي لا اعوجاج فيه.
﴿ ذلك هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾.
إن ذلك التوفيق العظيم الذي نالته هذه النخبة الكرام لهو توفيق من عند الله يُكرم به من يشاء من عباده.
﴿ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾.
ولو أشرك هؤلاء النخبة المختارة، لضاعت كل اعمال الخير التي عملوها، فلم يكن عليها ثواب.
﴿ أولئك الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب والحكم والنبوة فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾.
اولئك الذين آتيناهم الكتُب المنزلة والعلم النافع، وشرفَ النبوة، كما آتيناهم الحُكم، والقضاء بين الناس.


الصفحة التالية
Icon