الصِّغار : الذل والهوان.
يبين الله تعالى هنا تعنُّت المشركين وعنادَهم وحسدهم للنبي ﷺ فيقول : إن هؤلاء الكبارَ من المجرمين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من علم ونبوة وهدايته، فإذا جاءتهم حجّةٌ قاطعة تتضمن صدقَ الرسول الكريم لا يذعنون لها. بل يقولون : لن نؤمن بها حتى ينزل علينا الوحيُ كما ينزِلُ على الرسل.
هكذا قال الوليد بن المغيرة : لو كانت النبوة حقاً لكنتُ أَولى بها من محمد، فأنا أكبر منه سنّاً، واكثر منه مالاً وولدا.
وقال ابو جهل : والله لا نرضى به ولا نتّبعه أبدا، الا ان يأتينا وحي كما يأتيه.
وقد رد الله عليهم جهالتهم وبين لهم خطأهم بقوله :
﴿ الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾.
فالله تعالى وحده هو الذين يعلم من يستحق الرسالة، وهي فضلٌ من الله يمنحه من يشاء، لا ينالها أحد يكسْب، ولا يتّصل إليها بسبب ولا نسب وهي أمرٌ لا يورث حتى ينتقل من والدها الى ولد، ولا فضل لقرابة او اشتراك في الدم. وقد جعلها سبحانه حيث عِلِم، واختار لها اكرم خلقه وأخلصهم، محمدا خير الخلق وخاتم النبيين.
ثم أوعد الله المكابرين وبين سوء عاقبتهم لعدم استعدادهم للإيمان فقال :
﴿ سَيُصِيبُ الذين أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ﴾.
اذا كان هؤلاء يطلبون الرياسة بهذا العناد، فسينالهم الصغار والذل في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة، جزاء مكرهم وتدبيرهم السيء. وقد عذّب الله أكبر مجرمي مكة الذين تصدَّوا لإيذاء النبي عليه الصلاة ولاسلام، فقُتل منهم من قتل في بدر، ولحق الصغارُ والهوانُ بالباقين، وسينالهم العذبا الشديد في الآخرة، والعاقبة للمتقين.
قراءات :
قرأ ابن كثير وحفص ( رسالته )، والباقون ( رسالاته ) بالجمع.


الصفحة التالية
Icon