﴿وأرسلناك للنَّاس رَسُولا وَكفى بِاللَّه شَهِيدا (٧٩) من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله وَمن تولى فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِم حفيظا (٨٠) وَيَقُولُونَ طَاعَة فَإِذا برزوا من عنْدك بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير﴾ يكتم، ويعلمون مَا يَنْبَغِي أَن يفشي، يَعْنِي: الْعلمَاء.
﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ اسْتثْنى الْقَلِيل، وَلَوْلَا فَضله لاتبع الْكل الشَّيْطَان؟ قيل: اخْتلفُوا فِيهِ، قَالَ الْفراء: هَذَا الِاسْتِثْنَاء رَاجع إِلَى قَوْله: ﴿أذاعوا بِهِ﴾ إِلَّا قَلِيلا، وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لَا تبعتم الشَّيْطَان﴾، كَلَام تَامّ، وَقيل: هُوَ رَاجع إِلَى قَوْله: ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ ثمَّ قَالَ: ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لَا تبعتم الشَّيْطَان﴾ وَقيل: هُوَ على نظمه، وَمَعْنَاهُ: وَلَوْلَا مَا تفضل الله عَلَيْكُم بِهِ من الْبَيَان لما يَنْبَغِي أَن يفعل وَمَا يَنْبَغِي أَن يجْتَنب ﴿لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا﴾.
وَفِيه قَول رَابِع: أَنه أَرَادَ بِالْقَلِيلِ: قوما اهتدوا بِالْحَقِّ قبل بعث الرَّسُول، وإنزال الْقُرْآن، وأقروا بِالتَّوْحِيدِ، وَذَلِكَ مثل: زيد بن عَمْرو بن نفَيْل، وورقة بن نَوْفَل، وَجَمَاعَة، وَقد قَالَ فِي زيد بن عَمْرو بن نفَيْل: " إِنَّه يبْعَث أمة على حِدة ".
قَوْله تَعَالَى ﴿فقاتل فِي سَبِيل الله﴾ كَذَا يتَّصل بِمَا سبق من قَوْله: ﴿وَمَا لكم لَا تقاتلون﴾ لما عَاتَبَهُمْ على ترك الْقِتَال، قَالَ للرسول: إِن لم يُقَاتل هَؤُلَاءِ، فقاتل أَنْت وَحدك ﴿لَا تكلّف إِلَّا نَفسك وحرض الْمُؤمنِينَ عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين كفرُوا﴾ يَعْنِي: عَذَاب الَّذين كفرُوا، وَعَسَى من الله وَاجِب، وَالْمرَاد بِهِ: تطميع الْمُؤمنِينَ، ﴿وَالله أَشد بَأْسا﴾ أَي: أَشد عذَابا ﴿وَأَشد تنكيلا﴾ التنكيل من النكل، وَهُوَ الْمَنْع، وَمِنْه النكال: وَهُوَ مَا يفعل بالإنسان، فَيمْنَع غَيره عَن فعله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة يكن لَهُ نصيب مِنْهَا وَمن يشفع﴾