﴿وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تَقولُونَ على الله غير الْحق وكنتم عَن آيَاته تستكبرون (٩٣) وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة وتركتم مَا خولناكم وَرَاء﴾ النُّبُوَّة وَالْوَحي إِلَيْهِمَا، وَقد روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " رَأَيْت فِي الْمَنَام سِوَارَيْنِ من ذهب فِي يَدي، فنفخت فيهمَا، فطَارَا، فَأَوَّلْتهمَا عل كَذَّابين يخرجَانِ بعدِي " مُسَيْلمَة الْكذَّاب كَانَ بِالْيَمَامَةِ، وَالْأسود الْعَنسِي كَانَ بِصَنْعَاء الْيمن.
﴿وَمن قَالَ سَأُنْزِلُ مثل مَا أنزل الله﴾ هَذَا فِي النَّضر بن الْحَارِث بن كلدة، ادّعى مُعَارضَة الْقُرْآن، فروى أَنه قَالَ فِي مُعَارضَة الْقُرْآن: والطاحنات طحنا، فالعاجنات عَجنا، والخابزات خبْزًا فاللاقمات لقما.
﴿وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت﴾ يَعْنِي: فِي شَدَائِد الْمَوْت، قَالَ الشَّاعِر:

(الغمرات ثمَّ تنجلينا ثمَّة تذهبن فَلَا تجينا)
﴿وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم﴾ قيل: للعذاب، وَقيل: لقبض الْأَرْوَاح ﴿أخرجُوا أَنفسكُم﴾ أَي: أرواحكم، فَإِن قَالَ قَائِل: الرّوح إِنَّمَا تخرج كرها؛ فَمَا معنى قَوْله: أخرجُوا أَنفسكُم؟ قيل: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك تَغْلِيظًا عَلَيْهِم، كمن يخرج من الدَّار كرها، وَيُقَال لَهُ: اخْرُج.
﴿الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تَقولُونَ على الله غير الْحق وكنتم عَن آيَاته تستكبرون﴾ الْهون: من الهوان، والهون: من اللين والرفق، كَمَا فِي قَوْله: ﴿يَمْشُونَ على الأَرْض هونا﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى﴾ أَي وحدانا فَردا فَردا ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة﴾ بِلَا أهل وَلَا مَال ﴿وتركتم مَا خولناكم وَرَاء ظهوركم﴾ أَي: ملكناكم، والخول: المماليك. ﴿وَمَا نرى مَعكُمْ شفعاءكم الَّذين زعمتم انهم فِيكُم شُرَكَاء﴾


الصفحة التالية
Icon