﴿وَلكُل أمة اجل فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يَا بني آدم إِمَّا يَأْتينكُمْ رسل مِنْكُم يقصون عَلَيْكُم آياتي فَمن اتَّقى وَأصْلح فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم﴾ ينسبون كل مَا ارتكبوا من الْفَوَاحِش والإشراك إِلَى الله - تَعَالَى - وَيَقُولُونَ: نفعله بِأَمْر الله؛ فَهَذَا قَوْلهم على الله مَا لَا يعلمُونَ.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلكُل أمة أجل﴾ يَعْنِي: مُدَّة الْعُمر ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ فَإِن قيل: لم خص السَّاعَة، وهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ دون السَّاعَة، وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ؟ قيل: إِنَّمَا خصها لِأَنَّهَا أقل الْأَوْقَات الْمَعْلُومَة.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا بني آدم إِمَّا يَأْتينكُمْ﴾ فَقَوله: " إِمَّا " كلمتان: " إِن " و " مَا " فأدغمت إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى، وَمَعْنَاهُ: مَتى يأتكم، وَإِن يأتكم ﴿رسل مِنْكُم﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ رَسُولنَا خَاصَّة، وَقيل: كل الرُّسُل ﴿يقصون عَلَيْكُم آياتي فَمن اتَّقى وَأصْلح﴾ أَي: اتَّقى الشّرك، وَأصْلح مَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا واستكبروا عَنْهَا﴾ وَإِنَّمَا ذكر الاستكبار؛ لِأَن كل مكذب وكل كَافِر مستكبر، وَإِنَّمَا كذب وَكفر تكبرا، قَالَ الله - تَعَالَى - ﴿إِنَّهُم كَانُوا إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي: استكبروا عَن الْإِقْرَار بالوحدانية ﴿أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بآياته﴾ وَقد بَينا هَذَا الافتراء ﴿أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب﴾ فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال:
أَحدهَا - وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس: ينالهم مَا قدر لَهُم من خير وَشر.
وَالثَّانِي: قَول مُجَاهِد: ينالهم مَا وعدوا من خير وَشر.
وَالثَّالِث: قَول سعيد بن جُبَير: ينالهم مَا قضى لَهُم من الشقاوة والسعادة.
وَالرَّابِع: قَول مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: أَرَادَ بِهِ: الْأَجَل وَالْعَمَل والرزق.


الصفحة التالية
Icon