﴿ذَلِك مِنْكُم فقد ضل سَوَاء السَّبِيل (١٢) فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه ونسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾
(لَهَا صواهل فِي صم الْخَيل | كَمَا صَاح القسية فِي كف الصَّارِف) |
﴿وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم﴾ قيل الخائنة: الْخِيَانَة، فَاعل بِمَعْنى الْمصدر، مثل القائلة بِمَعْنى القيلولة، هَذَا قَول قَتَادَة، وَقَالَ مُجَاهِد: مَعْنَاهُ: فرقة خَائِنَة؛ لِأَن الْآيَة فِي الْيَهُود؛ فيستقيم هَذَا التَّقْدِير ﴿وَلَا تزَال تطلع﴾ على قَوْله: ﴿خَائِنَة مِنْهُم﴾ ﴿إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم﴾ يَعْنِي: الَّذين أَسْلمُوا مثل: عبد الله بن سَلام، وَجَمَاعَة.
﴿فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ﴾ أَي: أعرض عَنْهُم، وَلَا تتعرض لَهُم، وَقيل: صَار هَذَا مَنْسُوخا أَيْضا بقوله: ﴿قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه﴾ فِي سُورَة التَّوْبَة ﴿إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ وَمن الْيَهُود، وَالصَّحِيح أَن الْآيَة فِي النَّصَارَى خَاصَّة؛ لِأَنَّهُ قد تقدم ذكر الْيَهُود، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ - رَحمَه الله -: فِي هَذَا دَلِيل على أَنهم نَصَارَى بتسميتهم؛ لَا بِتَسْمِيَة الله - تَعَالَى - ﴿أَخذنَا ميثاقهم فنسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ هُوَ كَمَا بَينا فِي الْيَهُود ﴿فأغرينا﴾ أَي: أوقعنا ﴿بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ والإغراء: أَصله الإلصاق، وَمِنْه الغراء،