﴿من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ (٩) وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى ولتطمئن بِهِ قُلُوبكُمْ وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله إِن الله عَزِيز حَكِيم (١٠) إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ وَينزل عَلَيْكُم من﴾ على خيل بلق " فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ﴾ يُقَال: ردفه وأردفه إِذا (أتبعه)، قَالَ الشَّاعِر:

(إِذا الجوزاء أردفت الثريا ظَنَنْت بآل فَاطِمَة الظنونا)
فَمَعْنَى قَوْله ﴿مُردفِينَ﴾ أَي: مُتَتَابعين بَعضهم فِي إِثْر بعض. وَهَذَا معنى الْقِرَاءَة الثَّانِيَة بِفَتْح الدَّال. وَمِنْهُم من فرق بَينهمَا وَقَالَ: مُردفِينَ أَي: ممدين بَعضهم لبَعض. وَمن قَرَأَ بِفَتْح الدَّال فَمَعْنَاه: ممدين من قبل الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى﴾ أَي: بِشَارَة ﴿ولتطمئن بِهِ قُلُوبكُمْ﴾ أَي: تسكن بِهِ قُلُوبكُمْ ﴿وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله إِن الله عَزِيز حَكِيم﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ﴾ وَيقْرَأ: " إِذْ يغشاكم النعاس " وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: " أَمَنَة " سَاكِنة الْمِيم فِي الشواذ.
والقصة فِي ذَلِك: أَن الْكفَّار يَوْم بدر نزلُوا على المَاء، وَنزل الْمُسلمُونَ على غير مَاء، فأجنب بَعضهم وأحدثوا، فَلم يَجدوا مَاء يتطهرون بِهِ، وَكَانُوا فِي رمل تَسُوخ فِيهِ أَرجُلهم، فوسوس إِلَيْهِم الشَّيْطَان: إِنَّكُم تزعمذسون أَنكُمْ على الْحق وَأُولَئِكَ على الْبَاطِل وَإِذا هم على المَاء، فَلَو كُنْتُم على الْحق لكنتم أَنْتُم على المَاء، وَمَا بَقِيتُمْ مجنبين محدثين، فَوَقع فيهم خوف شَدِيد، فَألْقى الله تَعَالَى عَلَيْهِم النعاس حَتَّى أمنُوا، وَأَنْشَأَ سَحَابَة فتمطرت عَلَيْهِم حَتَّى سَالَ الْوَادي وَتطَهرُوا وَاغْتَسلُوا، وتلبدت الرمال حَتَّى ثبتَتْ عَلَيْهَا الْأَقْدَام. فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة﴾.


الصفحة التالية
Icon