﴿غر هَؤُلَاءِ دينهم وَمن يتوكل على الله فَإِن الله عَزِيز حَكِيم (٤٩) وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم وذوقوا عَذَاب الْحَرِيق (٥٠) ذَلِك بِمَا قدمت أَيْدِيكُم وَأَن الله لَيْسَ بظلام للعبيد (٥١) كدأب آل فِرْعَوْن وَالَّذين من قبلهم كفرُوا بآيَات الله فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ إِن الله قوي شَدِيد الْعقَاب (٥٢) ذَلِك بِأَن الله لم يَك مغيرا نعْمَة أنعمها على قوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم وَأَن الله سميع عليم﴾ بَينا معنى الْعَزِيز الْحَكِيم من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَن هَذَا عِنْد الْمَوْت، وَقَوله: ﴿يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم﴾ يضْربُونَ وُجُوههم بأسواط النَّار، وأدبارهم سوقا إِلَى الْعَذَاب.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن التوفي هَاهُنَا هُوَ الْقَتْل، وَمَعْنَاهُ: قتل الْمَلَائِكَة الْمُشْركين ببدر، وَقَوله ﴿يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم﴾ مَعْنَاهُ: يضربونهم بِالسَّيْفِ إِذا أَقبلُوا. وَقَوله ﴿وأدبارهم﴾ ويضربونهم بِالسَّيْفِ إِذا أدبروا، وَيَقُولُونَ: ﴿وذوقوا عَذَاب الْحَرِيق﴾.
رُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: مَعَ الْمَلَائِكَة مَقَامِع من حَدِيد يضْربُونَ بهَا الْكفَّار، فتلتهب النَّار فِي جراحاتهم؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وذوقوا عَذَاب الْحَرِيق﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك بِمَا قدمت أَيْدِيكُم وَأَن الله لَيْسَ بظلام للعبيد﴾ وَمَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كدأب آل فِرْعَوْن﴾ الْآيَة، الدأب هَاهُنَا بِمَعْنى الْعَادة، وَمَعْنَاهُ: عَادَتهم فِي الْكفْر كعادة آل فِرْعَوْن ﴿وَالَّذين من قبلهم كفرُوا بآيَات الله﴾ الْآيَة، وَمعنى الْآيَة ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك بِأَن الله لم يَك مغيرا نعْمَة أنعمها على قوم﴾ الْآيَة، فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: مَعْنَاهُ: ﴿لم يكن مغيرا نعْمَة﴾ يَعْنِي: لم يكن مبدلا النِّعْمَة بالبلية