﴿يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ لقضي إِلَيْهِم أَجلهم فَنَذر الَّذين لَا يرجون لقاءنا فِي طغيانهم يعمهون (١١) وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا فِي قَول الرجل يَقُول عِنْد الْغَضَب لأَهله وَولده: لعنكم الله، لَا بَارك الله فِيكُم، وَمَعْنَاهُ: وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ - يعْنى: الْمَكْرُوه - استعجالهم بِالْخَيرِ أَي: كَمَا يحبونَ استعجالهم بِالْخَيرِ ﴿لقضى إِلَيْهِم أَجلهم﴾ فهلكوا جَمِيعًا وماتوا. وَقَوله: ﴿فَنَذر الَّذين لَا يرجون لقاءنا﴾ أَي: لَا يخَافُونَ لقاءنا ﴿فِي طغيانهم﴾ أَي: فِي ضلالتهم. قَوْله ﴿يعمهون﴾ يَتَرَدَّدُونَ، وَقيل: يتمادون، وَقد ثَبت الْخَبَر عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي بشر أغضب كَمَا يغْضب الْبشر، فأيما [رجل] سببته أولعنته فاجعلها لَهُ طهرة وَرَحْمَة ". وَفِي الْبَاب رِوَايَات كَثِيرَة كلهَا صَحِيحَة.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر﴾ أَي: الْمَكْرُوه ﴿دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: هَذَا يحْتَمل مَعْنيين:
أَحدهمَا: إِذا مس الْإِنْسَان الضّر لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما دَعَانَا.
وَالْآخر: يحْتَمل إِذا مس الْإِنْسَان الضّر دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما، يَعْنِي: على هَذِه الْأَحْوَال كلهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا كشفنا عَنهُ ضره مر﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: مر طاغيا كَمَا كَانَ من قبل، وَالْآخر: اسْتمرّ على مَا كَانَ من قبل. قَالَ بَعضهم فِي هَذَا الْمَعْنى:
(كَأَن الْفَتى لم يعر يَوْمًا إِذا اكتسى | وَلم تَكُ صعلوكا إِذا مَا تمولا) |