﴿تمسوها بِسوء فيأخذكم عَذَاب قريب (٦٤) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تمَتَّعُوا فِي داركم ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب (٦٥) فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا نجينا صَالحا وَالَّذين آمنُوا مَعَه برحمة منا وَمن خزي يَوْمئِذٍ إِن رَبك هُوَ الْقوي الْعَزِيز (٦٦) وَأخذ الَّذين ظلمُوا الصَّيْحَة﴾ يكون من النوق، وَولدت فِي الْحَال ولدا مثالها، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿هَذِه نَاقَة الله لكم آيَة﴾.
وَقَوله: ﴿فذروها تَأْكُل فِي أَرض الله﴾ أَي: فدعوها تَأْكُل فِي أَرض الله. وَقَوله: ﴿وَلَا تمسوها بِسوء﴾ أَي: بإهلاك. وَقَوله ﴿فيأخذكم عَذَاب قريب﴾ مَعْنَاهُ: قريب من إهلاك النَّاقة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ الْعقر هَا هُنَا: جِرَاحَة تُؤدِّي إِلَى الْهَلَاك.
وَقَوله ﴿فَقَالَ تمَتَّعُوا فِي داركم﴾ مَعْنَاهُ: عيشوا فِي داركم، وَالدَّار بِمَعْنى الديار.
وَقَوله: ﴿ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب﴾ فَروِيَ أَنه قَالَ لَهُم: يأتيكم الْعَذَاب بعد ثَلَاثَة أَيَّام، فتصبحون الْيَوْم الأول ووجوهكم مصفرة، ثمَّ تُصبحُونَ الْيَوْم الثَّانِي ووجوهكم محمرة، ثمَّ تُصبحُونَ الْيَوْم الثَّالِث ووجوهكم مسودة؛ فَكَانَ كَمَا قَالَ، وأتاهم الْعَذَاب الْيَوْم الرَّابِع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا نجينا صَالحا وَالَّذين آمنُوا مَعَه برحمة منا﴾ فِي بعض التفاسير: أَنه آمن مَعَه أَرْبَعَة آلَاف نفر. وَقَوله: ﴿وَمن خزي يَوْمئِذٍ﴾ مَعْنَاهُ: وَمن هَلَاك يَوْمئِذٍ. وَقَوله: ﴿إِن رَبك هُوَ الْقوي الْعَزِيز﴾ قد بَينا معنى الْقوي والعزيز من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأخذ الَّذين ظلمُوا الصَّيْحَة﴾ الْمَعْرُوف انه صَاح بهم جِبْرِيل صَيْحَة وَاحِدَة فهلكوا عَن آخِرهم، وَقَالَ بَعضهم: خلق الله تَعَالَى صياحا فِي جَوف بعض الْحَيَوَانَات فأهلكهم، فَإِن قيل: الصَّيْحَة مُؤَنّثَة، وَقد قَالَ: ﴿وَأخذ الَّذين ظلمُوا الصَّيْحَة﴾ ؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الصَّيْحَة هَا هُنَا بِمَعْنى الصياح، وَهُوَ جَائِز فِي اللُّغَة.