﴿أَمر رَبك وَإِنَّهُم آتيهم عَذَاب غير مَرْدُود (٧٦) وَلما جَاءَت رسلنَا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب (٧٧) وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ وَمن قبل كَانُوا﴾ آتيهم عَذَاب غير مَرْدُود) أَي: غير مَصْرُوف عَنْهُم.
قَوْله: ﴿لما جَاءَت رسلنَا لوطا﴾ هَؤُلَاءِ الرُّسُل هم الَّذين كَانُوا عِنْد إِبْرَاهِيم جَاءُوا لوطا على صُورَة غلْمَان مرد، حسن وُجُوههم، نظيف ثِيَابهمْ، طيب [روائحهم].
وَفِي الْقِصَّة: أَنهم لقوا لوطا وَهُوَ يحتطب واستضافوه، فَحمل الْحَطب وَتَبعهُ الْمَلَائِكَة، فَمر مَعَهم على جمَاعَة من قومه فغمزوا فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط لَهُم: إِن قومِي شَرّ خلق الله، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين مِنْهُم، فغمزوا - أَيْضا - فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط - ثَانِيًا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله تَعَالَى، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين، فتغامزوا فِيمَا بَينهم - أَيْضا - فَقَالَ لوط - ثَالِثا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله، وَكَانَ الله تَعَالَى قَالَ لجبريل: لَا تهلكهم حَتَّى يشْهد لوط عَلَيْهِم ثَلَاث مَرَّات، فَكَانَ كلما قَالَ لوط هَذَا القَوْل قَالَ جِبْرِيل للْمَلَائكَة الَّذين مَعَه: اشْهَدُوا.
وَقَوله: ﴿سيء بهم﴾ مَعْنَاهُ: سَاءَهُ مجيئهم. وَقَوله: ﴿وضاق بهم ذرعا﴾ يُقَال: ضَاقَ ذرعاً فلَان بِكَذَا إِذا وَقع فِي مَكْرُوه لَا يُطيق الْخَلَاص عَنهُ.
وَمعنى الْآيَة هَاهُنَا: أَنه ضَاقَ ذرعا فِي حفظهم وَمنع القَوْل مِنْهُم.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب﴾ أَي: شَدِيد. قَالَ الشَّاعِر:
(فَإنَّك إِن لم ترض بكر بن وَائِل | يكن لَك يَوْم بالعراق عصيب) |
أَي: شَدِيد. وَقَالَ آخر:(يَوْم عصيب يعصب الأبطالا | عصب القوى السّلم الطوالا) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ﴾ الْآيَة، يهرعون إِلَيْهِ مَعْنَاهُ: يسرعون ويهرولون؛ وَقد بَينا أَن لوطا قد مر مَعَهم بهم. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن الْمَلَائِكَة جَاءُوا إِلَى بَيت لوط - عَلَيْهِ السَّلَام - وَكَانَ لوط فِي دَاره، فَذَهَبت امْرَأَته السوء الْكَافِرَة إِلَى قومه وَأَخْبَرتهمْ مَجِيء هَؤُلَاءِ فَلَمَّا سمعُوا جَاءُوا لقصد الْفَاحِشَة.
الصفحة التالية