﴿يعْملُونَ السَّيِّئَات قَالَ يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم فَاتَّقُوا الله وَلَا تخزون فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد (٧٨) قَالُوا لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق وَإنَّك لتعلم مَا﴾
وَقَوله: ﴿وَمن قبل كَانُوا يعْملُونَ السَّيِّئَات﴾ يَعْنِي: الْفَوَاحِش؛ وَهِي: إتْيَان الرِّجَال.
وَقَوله: ﴿قَالَ يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه عرض عَلَيْهِم بَنَات نَفسه تزويجا ونكاحا؛ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يجوز للمشرك أَن يتَزَوَّج بِمسلمَة؟
وَالْجَوَاب: أَن ذَلِك كَانَ جَائِزا فِي شريعتهم. وَمِنْهُم من قَالَ: عرض عَلَيْهِم بِشَرْط الْإِسْلَام.
وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ قَول مُجَاهِد، وَسَعِيد بن جُبَير، وَغَيرهمَا -: أَنه عرض عَلَيْهِم نِسَاءَهُمْ، وسماهن بَنَات نَفسه؛ لِأَن النَّبِي للْأمة بِمَنْزِلَة الْأَب؛ وَفِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب: " النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وَهُوَ أَب لَهُم ". وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّمَا قَالَ هَذَا على طَرِيق الدّفع، لَا على طَرِيق التَّحْقِيق، وَلم يرْضوا هَذَا القَوْل؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُوما من الْكَذِب. وَقَوله: ﴿هن أطهر لكم﴾ مَعْنَاهُ: أحل لكم.
قَوْله: ﴿فَاتَّقُوا الله وَلَا تخزون فِي ضَيْفِي﴾ مَعْنَاهُ: خَافُوا الله وَلَا تفضحوني فِي أضيافي. ﴿أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد﴾ مَعْنَاهُ: أَلَيْسَ مِنْكُم رجل يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيدْفَع الْقَوْم عَن أضيافي. وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ: معنى قَوْله: ﴿أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد﴾ مَعْنَاهُ: أَلَيْسَ فِيكُم رجل يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله.
قَوْله: ﴿قَالُوا لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق﴾ فِيهِ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: مَا لنا فِي بناتم من حق، أَي: حَاجَة وشهوة.
وَالثَّانِي: مَا لنا فِي بناتك من حق، أَي: من نِكَاح. وَقَوله ﴿وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد﴾ مَعْنَاهُ: إِنَّا نُرِيد أدبار الرِّجَال.