﴿قَالَ قَائِل مِنْهُم لَا تقتلُوا يُوسُف وألقوه فِي غيابة الْجب يلتقطه بعض السيارة إِن كُنْتُم﴾
فِي الْعقل لَا أكبرهم فِي السن. هَذَا قَول ابْن عَبَّاس، قَالَ: وَكَانَ ابْن خَالَة يُوسُف.
وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ روبيل.
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: هُوَ شَمْعُون. وَأَصَح الْأَقْوَال هُوَ الأول.
وَقَوله: ﴿لَا تقتلُوا يُوسُف﴾ أَشَارَ عَلَيْهِم أَن لَا ترتكبوا هَذِه الْكَبِيرَة الْعَظِيمَة. وَقَوله ﴿وألقوه فِي غيابة الْجب﴾ يَعْنِي: أَسْفَل الْجب، والغيابة: كل مَوضِع ستر عَنْك الشَّيْء (وغيبه). قَالَ الشَّاعِر:
(بني إِذا مَا غيبتني غيابتي | فسيروا بسيري فِي الْعَشِيرَة والأهل) |
قَوْله: ﴿يلتقطه بعض السيارة﴾ أَي: يجده بعض السيارة، والالتقاط: هُوَ أَخذ الشَّيْء من حَيْثُ لَا يحتسبه، والسيارة: هم المسافرون. قَوْله: ﴿إِن كُنْتُم فاعلين﴾ يَعْنِي: إِن عزمتم على فعلكم.
وَاخْتلف أهل الْعلم أَنهم كَانُوا بالغين أَو لم يَكُونُوا بالغين حِين عزموا على هَذَا وفعلوا؟
فالأكثرون أَنهم كَانُوا رجَالًا بالغين، إِلَّا أَنهم لم يَكُونُوا أَنْبيَاء بعد، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: أَنهم قَالُوا: وتكونوا من بعده قوما صالحين؛ وَهَذَا إِنَّمَا يَسْتَقِيم بعد الْبلُوغ وَيدل (عَلَيْهِ) أَنهم قَالُوا: يَا أَبَانَا اسْتغْفر لنا ذنوبنا إِنَّا كُنَّا خاطئين، وَالصَّغِير لَا ذَنْب لَهُ، دلّ أَنهم كَانُوا رجَالًا.
وَمِنْهُم من قَالَ: كَانُوا صغَارًا. وَهَذَا القَوْل غير مرضِي. وَاسْتدلَّ من قَالَ بِهَذَا القَوْل