﴿الَّذين بدلُوا نعمت الله كفرا وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار (٢٨) جَهَنَّم يصلونها وَبئسَ الْقَرار (٢٩) وَجعلُوا لله أندادا ليضلوا عَن سَبيله قل تمَتَّعُوا فَإِن مصيركم إِلَى النَّار﴾ أَقْوَال: أَحدهَا: أَنهم كفار قُرَيْش، وَالْآخر: أَنهم قادة الْمُشْركين ببدر، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَالثَّالِث: رُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هم الأفجران بَنو الْمُغيرَة وَبَنُو أُميَّة: فَأَما بَنو الْمُغيرَة فَقتلُوا يَوْم بدر، وَأما بَنو أُميَّة فمتعوا إِلَى حِين.
وَقَوله: ﴿وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار﴾ أَي: دَار الْهَلَاك، وَهِي جَهَنَّم قَالَ الشَّاعِر:
(إِن لقيما وَإِن قتلا | وَإِن لُقْمَان حَيْثُ باروا) |
وَقَوله: ﴿جَهَنَّم يصلونها [وَبئسَ] الْقَرار﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجعلُوا لله أندادا﴾ أَي: شُرَكَاء وأمثالا، قَالَ حسان بن ثَابت: شعرًا:
(أتهجوه وَلست لَهُ بند | فشركما لخير كَمَا الْفِدَاء) |
وَقَوله: ﴿ليضلوا عَن سَبيله﴾ إِنَّمَا نسب إِلَيْهِم الضَّلَالَة، لأَنهم سَبَب فِي (الضلال)، وَهَذَا كَمَا يَقُول الْقَائِل: فتنتني الدُّنْيَا؛ نسب الْفِتْنَة إِلَى الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا سَبَب فِي الْفِتْنَة. وَقَوله: ﴿ليضلوا عَن سَبيله﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿قل تمَتَّعُوا فَإِن مصيركم إِلَى النَّار﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: لَو أَن كَافِرًا كَانَ فِي أَشد بؤس وضر لَا يهدأ لَيْلًا وَلَا نَهَارا، كَانَ ذَلِك نعيما فِي جنب مَا يصير إِلَيْهِ فِي الْآخِرَة، وَلَو أَن مُؤمنا كَانَ فِي أنعم عَيْش، كَانَ ذَلِك بؤسا فِي جنب مَا يصير إِلَيْهِ فِي الْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿فَإِن مصيركم إِلَى النَّار﴾ أَي: مرجعكم إِلَى النَّار.