( ﴿٤٠) رَبنَا اغْفِر لي ولوالدي وَلِلْمُؤْمنِينَ يَوْم يقوم الْحساب (٤١) وَلَا تحسبن الله غافلا عَمَّا يعْمل الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يؤخرهم ليَوْم تشخص فِيهِ الْأَبْصَار (٤٢) مهطعين مقنعي﴾
وَفِي تَفْسِير الدمياطي: أَن قَوْله: ﴿ولوالدي﴾ أَي: لوَلَدي، قَالَ ابْن فَارس: وَيجوز هَذَا فِي اللُّغَة، وَهُوَ أَن يذكر الْوَالِد بِمَعْنى الْمَوْلُود، كَمَا يُقَال: مَاء دافق أَي: مدفوق. وَقَوله: ﴿وَلِلْمُؤْمنِينَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿يَوْم يقوم الْحساب﴾ أَي: يَوْم يُحَاسب الله الْخلق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تحسبن الله غافلا عَمَّا يعْمل الظَّالِمُونَ﴾ الْآيَة. الْغَفْلَة معنى يمْنَع الْإِنْسَان من الْوُقُوف على حَقِيقَة الْأُمُور. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هَذِه الْآيَة تَعْزِيَة للمظلوم وتسلية لَهُ، وتهديد للظالم.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يؤخرهم﴾ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا يمهلهم. وَقَوله: ﴿ليَوْم تشخص فِيهِ الْأَبْصَار﴾ يَعْنِي: من الدهش والحيرة وَشدَّة الْأَمر، وَمعنى تشخص أَي: ترْتَفع وتزول عَن أماكنها.
وَقَوله ﴿مهطعين﴾ الْأَكْثَرُونَ أَن مَعْنَاهُ مُسْرِعين، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى الثَّعْلَب: الإهطاع هُوَ النّظر فِي (الذل والخضوع). وَقيل: مهطعين أَي: مديمي النّظر لَا يطرفون. وَمعنى الْإِسْرَاع الَّذِي ذكرنَا هُوَ أَنهم لَا يلتفتون يَمِينا وَلَا شمالا، وَلَا يعْرفُونَ مَوَاطِن أَقْدَامهم، وَلَيْسَ لَهُم همة وَلَا نظر إِلَى مَا يساقون إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿مقنعي رُءُوسهم﴾ يُقَال: أقنع رَأسه أَي: رَفعه، وأقنع رَأسه إِذْ خفضه، فَإِن كَانَ المُرَاد هُوَ الرّفْع فَمَعْنَاه: أَن أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء ينظرُونَ مَاذَا يرد عَلَيْهِم من الله تَعَالَى، وَإِن حمل الْإِقْنَاع على خفض الرَّأْس فَمَعْنَاه: مطرقون ناكسون، قَالَ الشَّاعِر:

(نغض رَأْسِي نَحوه وأقنعا كَأَنَّمَا يطْلب شَيْئا أطمعا)
وَقَالَ المؤرج: رفعوا رُءُوسهم حَتَّى كَادُوا يضعونها على أكتافهم.


الصفحة التالية
Icon