﴿رُءُوسهم لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم وأفئدتهم هَوَاء (٤٣) وأنذر النَّاس يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب فَيَقُول الَّذين ظلمُوا رَبنَا أخرنا إِلَى أجل قريب نجب دعوتك وَنَتبع الرُّسُل أَو لم تَكُونُوا أقسمتم من قبل مَا لكم من زَوَال (٤٤) وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم﴾
وَقَوله ﴿لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم﴾ يَعْنِي: لَا يرجع إِلَيْهِم طرفهم، فَكَأَنَّهُ ذهلهم مَا بَين أَيْديهم فَلَا ينظرُونَ لشَيْء سواهُ.
وَقَوله: ﴿وأفئدتهم هَوَاء﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: متخرقة لَا تعي شَيْئا، وَقَالَ قَتَادَة: خرجت قُلُوبهم عَن صُدُورهمْ حَتَّى بلغت الْحَنَاجِر من شدَّة ذَلِك الْيَوْم وهوله فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر﴾، فعلى هَذَا قَوْله: ﴿وأفئدتهم هَوَاء﴾ أَي: خَالِيَة، وَمِنْه سمي الجو هَوَاء لخلوه، وَقيل: خَالِيَة عَن الْعُقُول؛ فَكَأَنَّهَا ذهبت من الْفَزع وَالْخَوْف.
وَقَالَ سعيد بن جُبَير: " وأفئدتهم هَوَاء " أَي: مترددة لَا تَسْتَقِر فِي مَكَان، وَقيل: هَوَاء أَي: متخربة من الْجُبْن والفزع. قَالَ حسان بن ثَابت:
(أَلا أبلغ أَبَا سُفْيَان عني | فَأَنت مجوف نخب هَوَاء) |
وَقَوله: ﴿وأنذر النَّاس يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب﴾ يَعْنِي: خوف النَّاس.
قَوْله: ﴿فَيَقُول الَّذين ظلمُوا رَبنَا أخرنا إِلَى أجل قريب﴾ مَعْنَاهُ: أمهلنا.
وَقَوله: ﴿إِلَى أجل قريب﴾ هَذَا سُؤال الرّجْعَة، كَأَنَّهُمْ سَأَلُوا ردهم إِلَى الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿نجب دعوتك وَنَتبع الرُّسُل﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿أَو لم تَكُونُوا أقسمتم﴾ أَي حلفتم فِي الدُّنْيَا. وَقَوله: ﴿من قبل مَا لكم من زَوَال﴾ يَعْنِي: لَيْسَ لكم بعث وَلَا جَزَاء وَلَا حِسَاب.
وَقَوله: ﴿وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم﴾ أَي: ظلمُوا أنفسهم