﴿أَن يَأْكُلهُ الذِّئْب وَأَنْتُم عَنهُ غافلون (١٣) قَالُوا لَئِن أكله الذِّئْب وَنحن عصبَة إِنَّا إِذا لخاسرون (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمعُوا أَن يجْعَلُوا فِي غيابت الْجب وأوحينا إِلَيْهِ﴾ أَي: ساهون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا لَئِن أكله الذِّئْب وَنحن عصبَة﴾ أَي: جمَاعَة يتقوى بَعْضنَا بِبَعْض. وَقَوله: ﴿إِنَّا ذَا لخاسرون﴾ يَعْنِي: إِنَّا إِذا لعاجزون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابة الْجب﴾ الْإِجْمَاع: هُوَ الْعَزْم على الشَّيْء، وَالْوَاو هَاهُنَا مقحمة، وَالْمعْنَى: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ أَجمعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابة الْجب. قَالَ الشَّاعِر:

(أَجمعُوا أَمرهم بلَيْل فَلَمَّا أَصْبحُوا أَصْبحُوا عَليّ لصوصا)
وَقَوله ﴿ [وَأَجْمعُوا] أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابة الْجب﴾ مَعْنَاهُ: بِأَن يلقوه فِي غيابة الْجب. وَذكر وهب بن مُنَبّه، وَغَيره أَنهم لما أخذُوا يُوسُف أَخَذُوهُ بغاية الْإِكْرَام وَجعلُوا يحملونه إِلَى أَن أصحروا بِهِ، فَلَمَّا أصحروا بِهِ ألقوه وَجعلُوا يضربونه وَهُوَ يستغيث حَتَّى كَادُوا يقتلونه، ثمَّ إِن يهوذا مَنعهم مِنْهُ. وَذكروا أَنه كَانَ من أَبنَاء [اثنتى عشرَة] سنة. هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف.
وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنه كَانَ ابْن سِتّ سِنِين. وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنه كَانَ ابْن سبع عشرَة سنة. وَهَذَا مَعْرُوف أَيْضا.
ثمَّ أَنهم أَجمعُوا (على أَن) يطرحوه فِي الْبِئْر، فَجَاءُوا إِلَى بِئْر على غير الطَّرِيق وَاسع الْأَسْفَل، ضيق الرَّأْس، فطرحوه فِيهَا، فَروِيَ أَنه كَانَ يتَعَلَّق بجوانب الْبِئْر، فشدوا


الصفحة التالية
Icon