﴿يُؤمنُونَ بِهِ وَقد خلت سنة الْأَوَّلين (١٢) وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء فظلوا فِيهِ يعرجون (١٤) لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا بل نَحن قوم مسحورون (١٥) وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجا وزيناها للناظرين (١٦) وحفظناها من كل شَيْطَان رجيم (١٧) إِلَّا من﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿فظلوا فِيهِ يعرجون﴾ يُقَال: ظلّ يفعل كَذَا إِذا فعله نَهَارا، وَبَات يفعل كَذَا إِذا فعله لَيْلًا.
وَقَوله: ﴿يعرجون﴾ يصعدون، يُقَال: عرج يعرج إِذا صعد، وعرج يعرج إِذا صَار أعرج، وَاخْتلف القَوْل فِي الْمَعْنى بقوله: ﴿فظلوا﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَنهم الْمَلَائِكَة، وَالْقَوْل الآخر أَنهم الْمُشْركُونَ.
وَقَوله: ﴿لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا﴾ قرىء بقراءتين " سُكِّرت " " سُكِرت " مخفف، فَمَعْنَى التَّخْفِيف أَي: سحرت، وَمعنى التَّشْدِيد أَي: سدت وَأخذت، وَقيل: عميت، قَالَ عَمْرو بن الْعَلَاء: هُوَ مَأْخُوذ من السكر، يَعْنِي: كَمَا أَن السكر يُغطي على عقولنا، كَذَلِك هَذَا غطي على أبصارنا. وَقَوله: ﴿بل نَحن قوم مسحورون﴾ أَي: مخدوعون، وَقيل مَعْنَاهُ: عمل فِينَا السحر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجا﴾ البروج: هِيَ النُّجُوم الْكِبَار، وَهُوَ مَأْخُوذ من الظُّهُور، يُقَال: تبرجت الْمَرْأَة إِذا ظَهرت. وَيُقَال: إِنَّهَا الْمنَازل، وَيُقَال: إِنَّهَا البروج الإثنا عشر، وَيُقَال: إِنَّهَا السَّبع السيارة، وَعَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ: أَنَّهَا قُصُور فِي السَّمَاء عَلَيْهَا الحرس. قَوْله: ﴿وزيناها للناظرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وحفظناها من كل شَيْطَان رجيم﴾ ذكر الْكَلْبِيّ أَن السَّمَوَات لم تكن مَحْفُوظَة من الشَّيَاطِين قبل عِيسَى، فَلَمَّا بعث عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - حفظت ثَلَاثَة من السَّمَوَات، فَلَمَّا بعث مُحَمَّد حفظت السَّمَوَات كلهَا. وَقَوله: ﴿رجيم﴾ أَي: مرجوم، وَقيل: أَي: مَلْعُون، وَقيل: شتيم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِلَّا من اسْترق السّمع﴾ فِي الْأَخْبَار: أَن الشَّيَاطِين يركب بَعضهم بَعْضًا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، ويسترقون السّمع من الْمَلَائِكَة؛ فترجمهم الْكَوَاكِب فَتقْتل