﴿وَترى الْفلك مواخر فِيهِ ولتبتغوا من فَضله ولعلكم تشكرون (١٤) وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم وأنهارا وسبلا لَعَلَّكُمْ تهتدون (١٥) وعلامات وبالنجم هم يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق أَفلا تذكرُونَ (١٧) وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها إِن الله لغَفُور رَحِيم (١٨) وَالله يعلم مَا تسرون وَمَا تعلنون (١٩) وَالَّذين﴾ لينْظر مَوضِع هبوبها فليستدبرها، والمخر: صَوت هبوب الرّيح عِنْد شدتها.
وَقَوله: ﴿ولتبتغوا من فَضله﴾ يَعْنِي: للتِّجَارَة. وَقَوله: ﴿ولعلكم تشكرون﴾ يَعْنِي: إِذا رَأَيْتُمْ صنع الله فِيمَا سخر لكم، وَرُوِيَ أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - كتب إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ يسْأَله عَن الْبَحْر؛ فَقَالَ: خلق عَظِيم يركبه خلق ضَعِيف، دود على عود، لَيْسَ إِلَّا السَّمَاء وَالْمَاء، إِن مَال غرق، وَإِن نجا برق، أَي: دهش وتحير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَألقى فِي الأَرْض رواسي﴾ أَي: جبالا ثوابت، وَفِي الْآثَار: أَن الله تَعَالَى لما خلق الأَرْض كَانَت تكفأ؛ فَقَالَت الْمَلَائِكَة: إِن هَذِه غير مقرة على ظهرهَا أحد؛ فَأَصْبحُوا وَقد خلق الْجبَال فاستقرت وَثبتت.
وَقَوله: ﴿أَن تميد بكم﴾ أَي: أَن تميل بكم. وَقَوله: ﴿وأنهارا وسبلا﴾ يَعْنِي: طرائق. وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تهتدون﴾ أَي: لَعَلَّكُمْ تهتدون بِالطَّرِيقِ وَالْجِبَال.
وَقَوله: ﴿وعلامات﴾ أَي: ودلالات، وَقيل: إِن هَذِه العلامات هِيَ الْجبَال. وَقَوله: ﴿وبالنجم هم يَهْتَدُونَ﴾ قَالَ الْفراء: بالجدي والفرقدين، وَقيل: وبالنجوم هم يَهْتَدُونَ، وَعَن قَتَادَة قَالَ: خلق الله النُّجُوم لثَلَاثَة أَشْيَاء: لزينة السَّمَاء الدُّنْيَا، ولرجم الشَّيَاطِين، وليهتدي بهَا فِي الْبَحْر وَالْبر، فَمن طلب مِنْهَا علما غير هَذَا فقد أَخطَأ، وَهَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة مَذْكُورَة فِي الْقُرْآن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق﴾ قيل: أَفَمَن ينعم كمن لَا ينعم. وَقَوله: ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ أَي: أَفلا تعتبرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها﴾ أَي: تُطِيقُوا عدهَا، وَقيل: لَا تُطِيقُوا شكرها. وَقَوله: ﴿إِن الله لغَفُور رَحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon