﴿حَقًا وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ (٣٨) ليبين لَهُم الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وليعلم الَّذين كفرُوا أَنهم كَانُوا كاذبين (٣٩) إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون (٤٠) وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا لنبوئنهم فِي الدُّنْيَا حَسَنَة ولأجر الْآخِرَة﴾ الْمُؤْمِنُونَ دون الْكفَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ليبين لَهُم الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ يَعْنِي: ليظْهر لَهُم الْحق فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. وَقَوله: ﴿وليعلم الَّذين كفرُوا أَنهم كَانُوا كاذبين﴾ يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه﴾ فَإِن قيل: قد قُلْتُمْ بِأَن الْمَعْدُوم لَيْسَ بِشَيْء، وَقد جعل الله هَاهُنَا الْمَعْدُوم شَيْئا حَيْثُ قَالَ: ﴿إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه﴾ وَمَعْنَاهُ: أردنَا تكوينه.
وَالْجَوَاب: أَن الْأَشْيَاء الَّتِي قدر الله كَونهَا هِيَ فِي علم الله كالكائنة (الْقَائِمَة) ؛ فاستقام قَوْله: ﴿إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه﴾ وَقيل: إِن هَذَا على طَرِيق الْمجَاز، وَمَعْنَاهُ: إِنَّمَا يكون شَيْئا إِذا أردنَا تكوينه.
وَقَوله: ﴿أَن نقُول لَهُ﴾ مَعْنَاهُ: أَن نقُول لأَجله: ﴿كن فَيكون﴾ أَي: كن فَكَانَ، وقرىء بقرائتين. " فَيكون " بِالنّصب، " وَيكون " بِالرَّفْع.
أما بِالرَّفْع مَعْنَاهُ: فَهُوَ يكون، وَأما بِالنّصب فَهُوَ منسوق على قَوْله: ﴿أَن نقُول﴾ وَذَلِكَ يَقْتَضِي النصب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: نزلت الْآيَة فِي عمار، وبلال، وصهيب بن سِنَان، وخباب بن الْأَرَت، وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة. وَقَوله: ﴿من بعد مَا ظلمُوا﴾ يَعْنِي: من بعد مَا عذبُوا وأوذوا.
وَقَوله: ﴿لنبوئنهم فِي الدُّنْيَا حَسَنَة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَالشعْبِيّ وَالْحسن: هِيَ الْمَدِينَة، وَيُقَال: هِيَ قدم الصدْق، وَقيل: التَّوْفِيق وَالْهِدَايَة.