﴿مسكم الضّر فإليه تجأرون (٥٣) ثمَّ إِذا كشف الضّر عَنْكُم إِذا فريق مِنْكُم برَبهمْ يشركُونَ (٥٤) ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم فتمتعوا فَسَوف تعلمُونَ (٥٥) ويجعلون لما لَا يعلمُونَ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تالله لتسألن عَمَّا كُنْتُم تفترون (٥٦) ويجعلون لله الْبَنَات﴾
(يراوح فِي صلوَات المليك | فطورا سجودا وطورا وجؤارا) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ إِذا كشف الضّر عَنْكُم﴾ يَعْنِي: مَا يضركم. وَقَوله: ﴿إِذا فريق مِنْكُم برَبهمْ يشركُونَ﴾ أَي: يكفرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم﴾ مَعْنَاهُ: أَن حَاصِل أَمرهم هُوَ كفرهم بِمَا آتَيْنَاهُم من النِّعْمَة، وَهَذِه اللَّام وأمثالها تسمى لَام الْعَاقِبَة، وَقيل: إِن النِّعْمَة هِيَ الْآيَات الَّتِي أَرَاهَا خلقه على وحدانيته.
وَقَوله: ﴿فتمتعوا﴾ أَي: عيشوا الْمدَّة الَّتِي ضرب لكم فِي طلب اللَّذَّة ﴿فَسَوف تعلمُونَ﴾ عَاقِبَة أَمركُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويجعلون لما لَا يعلمُونَ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ مَعْنَاهُ: ويجعلون للأصنام نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فَقَالُوا هَذَا لله بزعمهم وَهَذَا لشركائنا﴾. وَقَوله: ﴿لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: لَا يعلمُونَ أَنَّهَا تَضُرهُمْ وَلَا تنفعهم.
وَقَوله: ﴿تالله لتسألن عَمَّا كُنْتُم تفترون﴾ مَعْنَاهُ: وَالله لتسألن، وَالسُّؤَال سُؤال إِلْزَام الْحجَّة، لَا سُؤال الاستعلام والاستفهام.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويجعلون لله الْبَنَات﴾ هَذَا معنى قَوْلهم: إِن الْمَلَائِكَة بَنَات الله. وَقَوله: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ هُوَ بَيَان تنزيهه عَن قَوْلهم.
وَقَوله: ﴿وَلَهُم مَا يشتهون﴾ أَي: الْبَنِينَ، فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ لَهُ الْبَنَات، وَلنَا البنون.
وَقَوله: ﴿وَإِذا بشر أحدهم بِالْأُنْثَى﴾ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يودون الذُّكُور من الْأَوْلَاد، ويكرهون الْإِنَاث، وَيَقُولُونَ: إنَّهُنَّ لَا يقاتلن، وَلَا يركبن الْخَيل، وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا دنت ولادَة امْرَأَته توارى من نَادَى قومه، فَإِن بشر بالابن ظهر، ويهنئه الْقَوْم،
الصفحة التالية